الكاتب: بيثاني الن ابراهيميان نقلا عن فورين بوليسي
الناشر: مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية
ترجمة: هبه عباس محمد
يشن اكراد العراق حملة في واشنطن لكسب تأييد الحكومة الامريكية بالاستقلال قبل اجراء الاستفتاء في سبتمبر، لكن بغداد بدورها تعارض الحديث عن الانفصال، ومن المحتمل ان تكون هذه معركة شاقة في حال التزام الولايات المتحدة بسياسة العراق الواحد.
وقال فلاح مصطفى بكير وزير الخارجية في حكومة اقليم كردستان لصحيفة فورين بوليسي خلال زيارته لواشنطن ان الرسالة التي كان يأمل ان نقلها الى نظرائه الاميركيين هي ان كردستان المستقلة حل وليست مشكلة.
واضاف يمكن ان تلعب الولايات المتحدة دورا هاما جدا، فلديها النفوذ والادوات التي تمكنها من ان تصبح الوسيط في عملية التفاوض بين بغداد واربيل
وما تجدر الاشارة اليه هو ان اكراد العراق الذين يتركزون في مناطق الحكم الذاتي الشمالية ظلوا تحت وطأة الحكم المركزي برئاسة صدام حسين في التسعينات، وكانوا هدفا لحملات الابادة الجماعية التي اجبرت مئات الآلاف من الأكراد على الهروب الى الجبال من اجل الحفاظ على حياتهم.
وفي عام ٢٠٠٥ نص الدستور على استقلال حكومة اقليم كردستان، والتي اكتسبت شهرة دولية للدور الذي لعبته البيشمركة الكردية في الحرب ضد تنظيم داعش.
لكن يعتقد الكثير من الاكراد ان الحكومة العراقية لا تحترم حقوقهم، حيث خصص الدستور للإقليم الكردي نسبة ١٧٪ من الميزانية الوطنية. ولكن في عام ٢٠١٤، بعد نزاع حول مبيعات النفط، رفض رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي إرسال المبلغ المطلوب، مما أثار أزمة مالية.
وفي شهر حزيران من العام الحالي أعلن الرئيس الكردي مسعود بارزاني أن المنطقة ستجرى استفتاء في ٢٥ أيلول سيشارك فيه سكان كردستان العراق البالغ عددهم نحو ٥ ملايين نسمة.
وهذه ليست المرة الأولى التي ينادي فيها بارزاني بالاستقلال لكن الوقت مختلف الآن، لان الاكراد أصبحوا مشهورين ومقربين من الولايات المتحدة، على العكس من الاستفتاء غير الرسمي الذي أجري في كانون الثاني ٢٠٠٥، والذي صوت فيه الأكراد بأغلبية ساحقة من أجل الاستقلال، فإن هذا الاستفتاء ترعاه حكومة الاقليم بشكل رسمي.
وقال بكير كل من يسكن في بغداد يرغب في الاستيلاء على السلطة والسيطرة على كل شيء، مضيفا أن الأكراد لم يعاملوا أبدا كشركاء حقيقيين، لكن طورت الولايات المتحدة ما يشعر به الأكراد كعلاقة عادلة، ولدى بكير امل كبير بهذه العلاقة.
وعرج قائلا ان الولايات المتحدة اكتشفت ان الاكراد هم أفضل اصدقاء وشركاء في تحقيق الديمقراطية ومحاربة الارهاب ورعاية المجتمعات المشردة والوقوف الى جانب الاقليات.
وقد التقى بكير مع مستشار مجلس الأمن القومي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ديريك هارفي المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة داعش بريت ماكغورك وغيرهم من اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.
لكن من غير المحتمل ان تتحيز الولايات المتحدة الى جانب حكومة اقليم كردستان، وكثيرا ما يقول المسؤولون الامريكيون ان بناء عراق قوي وموحد هو أفضل رهان في المنطقة لمحاربة الارهاب ومنع عودة تنظيم داعش والمتطرفين المشابهين له، كما تشعر واشنطن بالقلق حيال رد فعل الدول المجاورة للعراق مثل تركيا وإيران التي تعتبر قيام دولة كردية تهديدا وجوديا.
وقالت رندة سليم، مديرة مبادرة الحوار الثاني في معهد الشرق الأوسط غير الحزبي، إن الأمريكيين لا يرغبون بمصدر الضغط الاضافي هذا، ومن غير المحتمل أن تؤدي نتائج التصويت بـ نعم الكثيرة إلى تغيير الافكار في واشنطن، وحتى بعد الاستفتاء لن يتغير موقف الأمريكيين لان توقيته غير مناسب ومن الافضل ان تكون المنطقة كاملة وغير مقسمة.
ليس من الضروري ان يجري بارزاني اعلان فوري عن الاستقلال لكن استعداده لخوض لعبة طويلة سيزيد من خياراته، فعلى الرغم من عدم وجود وزن قانوني لاستفتاء عام ٢٠٠٥ لكنه زاد من قدرة المفاوضين الأكراد خلال النقاش حول الدستور العراقي الجديد، الذي اعتبر ان منطقة اقليم كردستان هي المنطقة المستقلة الوحيدة في البلاد.
وقد يفعل التصويت بـ نعم في استفتاء عام٢٠١٧ الشيء ذاته، سواء من خلال المفاوضات المباشرة بين أربيل وبغداد وفي الفترة التي تسبق الانتخابات الوطنية العراقية في ابريل ٢٠١٨.
ومن جانبه قال نيكولاس هيراس، وهو زميل في مركز الامن الأمريكي الجديد، ان بارزاني يريد السير ببطء نحو تحقيق الاستقلال، ويمكنه استخدام نتائج التصويت بـ نعم لصالحه مما يعطيه نفوذا سياسيا، كما يدعو الأكراد الامريكيين الى اجراء حوار ثلاثي حول شروط لطلاق بين بغداد وكردستان.
ويرى وزير الخارجية بكير أن الشراكة الوثيقة التي تطورت بين أربيل وواشنطن على مدى السنوات العديدة الماضية وقيمها المشتركة يجب أن تستمر مع استمرار استقلال كردستان العراق، ويأمل الشعب الكردي ان تقف الولايات المتحدة الى جانب القيم والمبادئ والصداقة التي طورناها .