صوت مجلس النواب العراقي نهاية شهر ايار الماضي على قانون الادارة المالية الجديد لعام 2019، ورغم الوقت الذي استغرقته اللجنة المالية في مراجعة وتعديل هذا القانون الا ان القانون المشرع شابه العديد من نقاط الضعف والتعارض مع البرنامج الحكومي لحكومة السيد عادل عبد المهدي. وهنا لا نود الخوض في مكامن الضعف التي شابت القانون الجديد على امل مناقشة ذلك في مقال اخر، لكن نركز على اهمال قانون الادارة المالية 2019 المشرع لقانون جديد للدين العام. فقد كان من المؤمل ان يتضمن القانون المذكور مواد وفقرات ضابطة لمناسيب الدين العام واليات عملية لإطفاء الدين المتراكم لأجل تحقيق الاستدامة المالية في البلد. نظرا لما خلفه الاقتراض المتكرر من تراكم في معدلات الدين العام بشكل مضطرد، مخلفا اقساط وفوائد باتت ترهق الموازنة الاتحادية، اذ وصلت اقساط الدين العام (الداخلي والخارجي) واجب السداد اكثر من (10) ترليون دينار، كما جاء في المادة (2) فقرة اولا من قانون الموازنة الاتحادية لهذا العام، وهو رقم صعب سيكون حتما على حساب جهود البناء والاعمار والتنمية الاقتصادية في العراق. وحاليا، يفوق اجمالي الدين العام حاجز (130) مليار دولار (41 مليار دولار ديون معلقة) وقرابة (65) مليار دولار قوام الدين الخارجي، والمتبقي (36) مليار دولار الدين الداخلي المقدر لغاية العام 2018.
والملفت كان في المادة (52) من القانون الجديد التي نصت على الغاء قانون الإدارة المالية والدين العام الصادر بموجب أمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم (95) لسنة 2004 باستثناء الملحق (ب) الخاص بقانون الدين العام. وهو ما يعني استمرار العمل بقانون الدين العام السابق والنافذ.
وهنا ترد ملاحظات عدة:
1- يعطي قانون الادارة المالية (94) لعام 2004 وزير المالية صلاحيات كبيرة في الاقتراض العام.
2- لا يشير القانون للنسب القصوى للدين العام كما اشار قانون الادارة المالية الجديد لنسبة العجز القصوى بــ(3%) من الناتج المحلي الاجمالي.
3- معظم التفاصيل الواردة في القانون فنية ولا يوجد لها ابعاد اقتصادية او مالية.
4- لا توجد اي اشارة للديون الخارجية واليات التعامل معها.
5- لا توجد اي اشارة للديون الحكومية من المؤسسات الدولية واليات التعامل معها(صندوق النقد الدولي والبنك الدولي).
6- لا توجد اي اشارة لديون المحافظات والاقاليم ولا لآلية التسديد وهي مشكلة قائمة بين المركز والاقليم.
7- لا يشير القانون للديون المتراكمة واليات التعامل معها ولا يتضمن ايضا صندوق لتسديد الدين العام.
وازاء تلك الملاحظات، وغيرها من التفاصيل الفنية العديدة، فان جملة من العوامل تلزم مجلس النواب التعجيل بتشريع قانون جديد لإدارة الدين العام، لعل اهمها:
1- يلزم الوضع المالي الهش والديون المتراكمة اعادة النظر في هيكل ومضمون قانون ادارة الدين النافذ وبما يضمن تحقيق الاستدامة المالية.
2- لا يوجد أي مبرر بإقرار قانون جديد للإدارة المالية يخلو من قانون للدين العام رغم ان الاخير جزء من الاول.
3- نص المحور الرابع // اولا //الفقرة (9) في البرنامج الحكومي لسيد عادل عبد المهدي (2018-2022) على مراقبة الدين الداخلي والخارجي. هذه الفقرة من اهم فقرات محور تقوية الاقتصاد لما لها من تداعيات على الوضع الاقتصادي والمالي في العراق على المدى المتوسط والطويل، وقد نصت على: ((مراقبة الدين الداخلي والخارجي والحيلولة دون تجاوزه مستويات معينة، وربط الديون الداخلية والخارجية بالمشاريع الاستثمارية والمولدة للقيم والثروات وعدم استخدامها للأغراض الاستهلاكية او للأغراض التشغيلية للموازنة بشكل اساسي)) في حين لم يتضمن قانون الادارة المالية الجديد أي اشارة لتحقيق الهدف المذكور من قريب او بعيد.
4- تشير الفقرة ثانيا، من المادة (20) من قانون الادارة المالية الجديد على ايداع الفائض المالي المتحقق في صندوق سيادي، مما يلزم بإنشاء صندوق سيادي قد يخصص احد فروعه لتسديد الدين العام المتراكم.