لماذا لم تستجب اوبك+ لدعوات زيادة الانتاج؟

مع استمرار حالة عدم اليقين التي تشهدها اسواق الطاقة منذ شهور نتيجة التوترات الجيوسياسية وارتفاع معدلات التضخم عالمياً لمستويات قياسية، اتفق تحالف "أوبك+" يوم الخميس على اجراء زيادة طفيفة في إنتاج الدول المتحالفة. واتفقت المجموعة على زيادة إنتاجها المستهدف في حزيران بمقدار (432) ألف برميل يوميًا بما يتماشى مع سياسة التحالف بالتخفيف التدريجي لقيود الإنتاج التي فُرضت عام 2020 حين انهارت اسعار النفط نتيجة تداعيات جائحة كورونا والاغلاق الكبير للاقتصاد العالمي.

ورغم توقعات استجابة تحالف "أوبك+" لضغوط عالمية بضخ كميات اضافية من النفط الخام لتهدئة مخاوف السوق وتعويض نقص الامدادات، خصوصا مع دعوات اوربية الى حضر النفط الروسي خلال الاسابيع والشهور القادمة، الا ان منظمة اوبك اعلنت عن عدم قدرة التحالف تعويض النفط الروسي في حال حضرت اوربا تدفق النفط الروسي الى الاسواق الاوربية. حيث تستورد أوروبا قرابة (3.5) مليون برميل من النفط والمنتجات النفطية الروسية يوميًا، وتعتمد أيضًا على إمدادات الغاز الروسية.

موقف اوبك+ جاء بناءا على توقعات تضمنها تقرير اوبك الاخير بحدوث فائض في الاسواق بقرابة (1.9) مليون برميل يومياً في عام 2022، وبزيادة مقدارها (600) ألف برميل يومياً عن تقديرات سابقة للمنظمة، وسط توقعات بتباطؤ نمو الطلب على النفط هذا العام. وتتوقع منظمة اوبك أن ينمو الطلب العالمي على النفط في عام 2022 بمقدار (3.67) مليون برميل يومياً، بانخفاض مقداره (480) ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة.

وتوقع التقرير، الذي تم إعداده قبل اجتماع اللجنة الفنية المشتركة "لأوبك+"، أن تتجاوز مخزونات النفط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الأخير، المتوسط في (2015-2019) بشكل طفيف. ويعكس التقرير تعديل التقديرات بنمو أضعف للطلب على النفط اعتمدتها منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" في تقريرها الشهري عن النفط الخام لشهر نيسان/أبريل الماضي.

ورغم ارتفاع عقود خام برنت إلى (110) دولار للبرميل مع وضع الاتحاد الأوروبي خططا للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسي، وما أثاره ذلك من مخاوف الاسواق بشأن الامدادات، حيث تبحث الدول عن إمدادات كافية لتلبية طلبها على الخام. الا ان محور اجتماع تحالف "اوبك+" تركز على الاغلاق الكبير للاقتصاد الصيني، ومخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم. اذا تواجه الصين أسوأ تفشي لفيروس كورونا منذ ربيع عام 2020 وقد اتخذت الحكومة الصينية تدابير صارمة، خصوصا في شنغهاي حيث تفرض السلطات منذ شهر نيسان قيودا على حركة السكان البالغ عددهم (25) مليون نسمة. كما أغلقت العاصمة بكين العديد من الأماكن العامة وزادت الفحوص في أماكن أخرى مع شروع معظم سكان المدينة البالغ عددهم (22) مليونا في إجراء المزيد من الاختبارات الجماعية لكوفيد-19 بهدف تجنب إغلاق شبيه بالذي شهدته شنغهاي. ويتسبب الإغلاق الأخير في تعطيل المصانع وسلاسل التوريد، مما يثير المخاوف بشأن النمو الاقتصادي والطلب على النفط الخام. خصوصا وان الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم وأكبر مستورد له.

وتتوقع اوبك ان يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بسبب ارتفاع أسعار السلع الأولية واستمرار الصراع الروسي الأوكراني إلى تراجع الطلب على النفط نهاية العام 2022 وقد يسوء الامر اذا دخل الاقتصاد العالمي حلقة الركود الاقتصادي والتضخم في ان واحد.

ويتوقع ان يواصل تحالف "اوبك+" اتباع استراتيجية الزيادة التدريجية لإنتاجه النفطي التي بدأ تنفيذها في أيار مايو2021 في إطار التعافي الاقتصادي من تداعيات الجائحة التي استدعت خفضا حادا للإنتاج بعد تدهور الطلب العالمي على النفط. وترى منظمة اوبك ان تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا، وارتفاع التضخم مع صعود أسعار النفط الخام وعودة ظهور متحور اوميكرون في الصين، أسباب وجيهة لتعديل توقعات الطلب العالمي على النفط، بدلا من اعتماد ارتفاع الاسعار كمؤشر لإغراق اسواق النفط العالمية.

التعليقات
تغيير الرمز