انعكست الظروفُ السياسيةِ التي مرَّ بها العراقُ على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، من خلال الأعمالُ والتصرفاتُ السلوكيّة الغريبة، ومنها ظاهرة إطلاق العيارات النارية التي مارسها بعضُ أفرادِ المجتمعِ العراقيّ في مناسبات عدة. لقد برزتْ ظاهرةُ إطلاق النارِ في كلِّ مناسبة تكادُ أن تحصل أو حصلت، لكن شذوذ هذا السلوك، والطرق العنيفة التي ظهرت إثناء ممارسته من قبل بعض أفراد المجتمع دفع وحدة استطلاع الرأي العام في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية الى الاهتمام به من خلال اجراء هذه الدراسة.
إنَّ مشكلةَ هذه الدراسة تدورُ حولَ ظاهرةِ إطلاق العيارات الناريّة تلك الظاهرة التي تُعد من الظواهرِ السلوكيّة المنحرفة والمؤذية والمخلة بالأمنِ العام؛ لأنَّها تؤدي إلى وقوعِ حوادث مؤسفةٍ في الأرواحِ والممتلكاتِ دون أي مسوغٍ، وتستلزمُ هذه الظاهرةُ المخربة وقفةً جماعةً جادةً للتصدي لها.
وكانت أهميةُ هذه الدراسة ترتكزُ على معرفةِ المخاطر الاجتماعية والنفسية والاقتصادية على المجتمع والفرد الناجمة من الإطلاق العشوائي للرصاص، إضافة إلى معرفة آثارها في تخريب وتدمير وإزهاق الأرواح والطاقات البشرية في المجتمع، ومن ثَمَّ التوصل إلى إجراءات تحدّ من غلواء واستفحال هذه الظاهرة، ومحاولة تشخيص دوافعها بوصفها ظاهرةً موروثة وتقليدية في المجتمع الريفيّ ولاسيما في التشيع الجنائزي لأفراد العشيرة.
وتحقيقاً لأهمية هذه الدراسة تم الانطلاق من تساؤلات منها: ما هي الإجراءات القانونية للحدّ من هذه الظاهرة؟ وما هي أهم الدوافع والأفعال التي تساهم في القيام بهذه الظاهرة؟
بناءً على هذه التساؤلات وغيرها تم توزيع (200) استمارة على عينة عشوائية من أفراد مجتمع الدراسة من منطقتين سكنية في محافظة كربلاء، وبعدها قسّمّ المحافظة على قسمين هما: (مركز المدينة، وقضاء الهندية)، وفيما يتعلق بمركز المدينة كربلاء. فتمّ اختيار حيَّ المقامِ في مركز المدينة وفيما يتعلق بقضاء(الهندية) تم اختيار ناحية الخيرات.
وجرى الاعتماد على منهج المسح الاجتماعي الوصفي في تحديد ومعالجة متغيراتها، والتي تتمثل بإطلاق العيارات النارية، ولغرض تحليل استجابات الاستبيان، استخدم الباحثُ عدداً من الوسائل الإحصائية مثل: النسبة المؤيّة، والوسط الحسابيّ، واختبار مربع " كاي" وقد نفَّذَ التحليلَ الإحصائيّ على الحاسبة الالكترونية باستخدام التطبيق الإحصائي (SPSS)، وتطبيق (Excel).
وكانت أهمّ نتائج التي خلصتْ لها هذه الدراسةُ هي:
1. ظاهرة إطلاق العيارات النارية تساهم في إثارة الرعب النفسيّ، وهي سلوكٌ عنيفٌ للأفراد، وباستخدام قانون كاي(1×2) وجدناً قيمةَ كاي المحسوبة= ((10.58 أكبر من القيمة الجدولية(3.8) وبدرجة حرية واحد وعلى مستوى ثقة (95%). وعليه نقبلُ فرضيةَ البحثِ ونرفضُ الفرضيَّةَ الصفرية.
2. المؤسسة الدينية لها تأثيرٌ قويُّ في الحدّ من ظاهرةِ إطلاق العيارات النارية وباستخدام قانون كاي(1×2) وجدناً قيمة كاي المحسوبة= ((2.43أقل من القيمة الجدولية(3.8) وبدرجة حرية واحد وعلى مستوى ثقة (95%). وعليه نرفض فرضية البحث ونقبل الفرضية الصفرية.
3. وسائل الإعلام والثقافة كان لها دورُ مؤثرٌ في الحدّ من ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المجتمع) وباستخدام قانون كاي(1×2) وجدناً قيمة كاي المحسوبة= ((21.78 أكبر من القيمة الجدولية(3.8) وبدرجة حرية واحد وعلى مستوى ثقة (95%). وعليه نقبل فرضية البحث ونرفض الفرضية الصفرية.
وخلصتْ هذه الدراسةُ إلى مجموعةِ من التوصيات كان أبرزها:
1. العملُ على فرضِ الرقابة المشدّدة على تهريبِ الأسلحةِ والعيارات النارية وبيعها في الأسواق، ومراقبة الحدائق والساحات العامة والمقاهي والأحياء التي تباع فيها تلك المواد الخطرة على المجتمع.
2. ضرورةُ تفعيل القوانين الرسمية من أجل الوقوف بوجه هذه الظاهرة الخطرة على المجتمع من خلال فرض العقوبات والغرامات أو القبض على مرتكبي إطلاق العيارات النارية.
3. حثّ وسائل الإعلام على ضرورة بثّ الوعي في المجتمع، من خلال إعداد برامج تلفزيونية وإذاعية حول مخاطر هذه الظاهرة وآثارها النفسية والاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.
ومن هنا فأنّ مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية إذ يضع هذا الموضوع أمام صانعي القرار في العراق، والأكاديميين والباحثين، فأنّه يسعى إلى تعميم وخلق وعي ثقافي واجتماعي عام بالمشكلات التي يعاني منها المجتمع العراقي، كما يتمنى المركز للباحثين دوامَ التوفيق ويتمنى عليهم استمرار التعاون مع المركز خدمةً لمجتمعنا.