جلال حسام الدين نور الله الطالباني، من مواليد السليمانية 1933، خاض غمار السياسة وترقى في المناصب من طالب حقوق الى صحفي ومحرر وعسكري في صنف المدرعات، ثم قائد ثوري وزعيم حزب جديد وبعدها رئيسا للعراق في ولايتين. هذه الحياة الغنية بالنشاط والحركة ميزت مسيرة الطالباني الذي يمكن اعتباره من رؤساء العراق القلائل الذي مات على فراش المرض.
توقيت اعلان الوفاة الان لماذا؟ هل لان الرجل مات فعلا اليوم رغم وجود شائعات بوفاته منذ زمن بعيد! حيث نفى في أيار 2013، قيادي مقرب من الرئيس طالباني، اشاعات موت الرئيس او تدهور صحته مقللا من أهمية وقيمة تلك التكهنات، واصفا اياها بانها "مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة مطلقا"، ومشيرا إلى أن "طالباني راقد حاليا بمستشفى في ألمانيا، وهو ليس في السليمانية أو أي مستشفى آخر بإقليم كردستان العراق حتى يتم التكتم على وفاته لأسباب سياسية أو لحساسية الوضع الحالي بكردستان". أم هناك من اراد لخبر الوفاة ان يخرج للعلن في هذا التوقيت بالذات لغاية خاصة؟
الوضع الحالي المتوتر في اقليم شمال العراق، بعد إقامة استفتاء الانفصال وتصويت الاغلبية فيه بنعم، وغضب المركز على مسعود البارزاني، باعتباره المتصدي لهذا الفعل، وفرض عقوبات اقتصادية وادارية، بالإضافة الى وجود جهات تدعو الى تدخل عسكري في شمال العراق، مما سيؤدي الى حمام دم كردي –عربي واقتتال داخلي بين ابناء الوطن الواحد. كل هذه المصاعب والتهديدات والمخاوف جاء خبر وفاة الرجل المعتدل ليزيد طينها بلة.
لكن من زاوية اخرى، هل من الممكن ان يستفاد دعاة الانفصال من خبر وفاة الطالباني؟ ساعة استراحة من الضغط الشعبي والاقليمي والدولي، او لذر الرماد في العيون المترقرقة بالدموع! أو لتوحيد الشارع الكردي خلف زعامة واحدة يمثلها السيد مسعود المفجوع بوفاة رفيق دربه، فالمصائب توحد حتى المختلفين والمتباعدين وتقرب المواقف والافكار، فمجلس شورى إيران وعلى لسان رئيسه لاريجاني والبيت الابيض على لسان سكرتيره الصحفي قد نعوا الفقيد.
واخيرا، سواء كان الرجل متوفيا منذ سنوات ام توفى اليوم، يجب ان نستلهم الدروس مما حصل، فالكبار الى زوال والوجوه الشابة الجديدة ستظهر الى الساحة السياسية العراقية، وسوف تحدث تبدلات كبيرة في المشهد السياسي العراقي وتغييرات جذرية تطال الجميع دون استثناء.