عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية ندوته الدورية في ملتقى النبأ الأسبوعي وذلك في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، وتم في هذه الندوة مناقشة الانتخابات المحلية الاخيرة في كركوك وانعكاساتها على الأوضاع العامة، حيث قدم الباحث الدكتور حسين السرحان ورقة بحثية في هذا الشأن حملت عنوان (مستقبل كركوك السياسي والامني بعد الانتخابات المحلية 2023) جاء فيها:
إن كركوك كمدينة كانت ضمن ولاية الموصل، وانضمت إلى الدولة العراقية عام 1926، أي بعد تأسيس الدولة العراقية بخمس سنوات، والسبب في ذلك لم يكن فقط هو الصراع التركي البريطاني، حول المنطقة وحول ولاية الموصل، لأن كركوك كانت ضمن ولاية الموصل، وإنما كان التنوع العرقي والطائفي هو أحد الأسباب الأساسية في عدم استقرار وتشتت الرأي العام داخل هذه المدينة في الانضمام للدولة العراقية.
ولا زال هذا التنوع الطائفي أو العرقي ينعكس بشكل مباشر في تأثيره على الوضعين السياسي والأمني، وحتى الوضع الاقتصادي في هذه المدينة.
وللأسف يمكن أن نقول إن الأنظمة السياسية أو أنظمة الحكم التي توالت على العراق لم تستطع أن تستثمر أو توظف هذا الوضع الطائفي وهذا التنوع لكي يكون مصدر قوة للمحافظة، ولا مصدر قوة للدولة العراقية.
الوضع السياسي كما قلنا تأثر بشكل كبير بهذا الجانب، وأيضا الوضع الأمني تأثر بهذا الجانب، ويرتبط الوضع الأمني بطبيعة الحال في أي مدينة ارتباطا وثيقا بالوضع السياسي، وطبيعة الخارطة السياسية أو توازنات القوى السياسية، أيضا تنعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على طبيعة الوضع الأمني.
أيضا هذه الطبيعة أو هذه الخارطة السياسية تكون عادة مصدرا للتدخلات الأجنبية الإقليمية أو الدولية في أي دولة وهذا الموضوع يمكن أن نلاحظه بشكل كبير في العراق كله بشكل عام وفي كركوك بشكل خاص، لما لهذه المدينة من خصوصية كبيرة، كونها ذات موقع جغرافي مهم جدا.
وتتضمن مكونا كرديا كبيرا جدا، وهي حلقة صراع، أو أنها من ضمن المناطق الرئيسية التي لا يزال التنازع عليها قائما بين أربيل وبغداد وفق المادة 140 من الدستور العراقي النافذ لعام 2005.
توافقات القوى السياسية مهمة جدا، والصراع السياسي لم يهدأ في كركوك منذ عام 2003 وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق وتغيير نظام الحكم السابق، استحوذ المكون الكردي بشكل كبير سياسيا وأمنيا على كركوك، وحتى عام 2016 أو 2017، كان المحافظ كردي من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني.
وفيما بعد تشرين الأول 2017 كان هناك تحول خطير في هذه المدينة، بعدما سمّي بعمليات فرض القانون التي قامت بها الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي في تشرين الأول 2017، بعد الاستفتاء الذي نظمته حكومة الإقليم، للانفصال عن الدولة العراقية.
هذا التحول أحدث اختلالا كبيرا في توازنات القوى في هذه المحافظة، وأصبح المكون الكردي أو الدور الكردي السياسي والأمني محيّد أو محجَّم بشكل كبير لصالح الدور العربي، وتولت الأحزاب العربية مسؤولية إدارة المحافظة بشكل كبير، وانسحبت قوات البيشمركة من داخل المدينة، هذا التعدد أو التنوع بين مراكز القوى ونتيجة عدم الثقة والخوف من المكونات الأخرى نتيجة تراكمات النظام السياسي قبل 2003، ترك انطباعه وتأثيره على هذه المدينة.
تعقّدت الصورة في المدينة بشكل أكبر بعد الحرب على داعش، بسبب وجود فصائل مسلحة فيها منضوية ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، وهذه الفصائل أضافت تعقيد على الوضع السياسي والأمني في المحافظة، وأصبح لها دور سياسي وأمني يزحم القوى التقليدية الكردية أو العربية والتركمانية فيها.
وبالتالي أصبحت مصدر قلق بالنسبة للنظام الحاكم وللدولة العراقية، ويوظّف هذا الملف بشكل كبير سواء من قبل أربيل أو من قبل بغداد باتجاه السيطرة على المدينة، وكما قلنا إن هذه المدينة لها خصوصية بسبب التنوع الطائفي والعرقي، وأيضا بسبب إمكانياتها الاقتصادية وتوافرها على ستة حقول نفطية يوجد فيها ما يقارب 13 مليار برميل من النفط الخام.
سكان كركوك ليس بالعدد الكبير اذ يقاربون مليون و600 ألف نسمة، وفق الإحصائيات الرسمية لوزارة التخطيط، المكونات الأساسية أكراد وعرب وتركمان، ومكون صغير جدا هو المكون المسيحي.
هذه المدينة شهدت انتخابات عام 2005 ولم يحصل فيها انتخابات بعد ذلك التاريخ، إلا في سنة 2023، رغم أنه حدثت في العراق انتخابات مجالس المحافظات، مرتان في 2009 و2013، والسبب في ذلك هو عدم موافقة الجانب الكردي والأحزاب الكردية، على موضوع تدقيق سجلات الناخبين، بعد انتخابات 2021 تمكن البرلمان الاتحادي من إصدار قرار بإجراء انتخابات في محافظة كركوك، واخراجها باتجاه الاستقرار أو السلام، وكان الهدف أنه لابد أن يحصل توازن للقوى جديد، عن طريق تنظيم انتخابات محلية، جديدة.
في عام 2023 أقرت في البرلمان تعديل لقانون الانتخابات السابق، ووفق القانون الجديد يبلغ مقاعد محافظة كركوك 16 مقعدا، نسبة لعدد سكانها البالغ مليون و600 ألف نسمة، وُجدت في قانون الانتخابات الأخير مادة خاصة تتعلق بكركوك، وكانت هي أساس المشاكل أو التنافس وعدم الاتفاق بين القوى السياسية.
هذه المادة تنص على أن المفوضية تعمل على تدقيق سجل الناخبين بالتعاون مع وزارة التخطيط ووزارة العدل ووزارة التجارة، وفق التعداد السكاني لعام 1957، وهناك حق التصويت للمرحلين أيضا خارج المحافظة الذين تجاوزوا اجراءات لجنة تقصي الحقائق فيما يتعلق بالمادة 140، وحظي قانون الانتخابات الجديد باتفاق المكونات الرئيسة في المدينة وهم الأكراد والعرب والتركمان.
الموقف الكردي هنا اتفق مع القوى السياسية الموجودة، ويبدو أن تنظيم هذه الانتخابات وترتيب وضع كركوك كان ضمن الاتفاق السياسي لتشكيل حكومة السيد السوداني، فالموقف الكردي لتدقيق سجل الناخبين كان هو الأساس في عدم تنظيم الانتخابات المحلية كما حصل في المحافظات الأخرى في 2009 و2013، وأبطلت على أساس هذا الموقف انتخابات مجالس المحافظات في 2019.
إلا ان التعديل الأخير في القانون الجديد حاز على اتفاق القوى السياسية باتجاه اجراء انتخابات محلية في كركوك وإعادة ترتيب توازنات القوى السياسية، لضمان نوع من الاستقرار لإرضاء الأطراف الرئيسة لاسيما العرب والأتراك بعد قانون الانتخابات عام 2017، الحقيقة ربما يُقرَأ الموقف الكردي بالموافقة على هذا الموضوع، أن العودة لكركوك والسيطرة عليها أو أن يكون لهم دور في كركوك عبر الطريق السلمي من خلال صناديق الاقتراع.
وحقيقة هذا ما تحقق في انتخابات 2023 في كانون الأول، نسبة المشاركة في هذه المحافظة كانت كبيرة جدا، وهذا مؤشر على أنها المحافظة الأكثر مشاركة من بين المحافظات العراقية، والسبب في ذلك هناك نوع من التحشيد العرقي يرجح كفة تحالف الحزب الشيوعي مع الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، باتجاه حكم المحافظة.
لكن يبقى الجانب العربي حاضرا بشكل كبير، فقبل أيام كنت أتابع موقف الاحزاب العربية باتجاه رفض وجود دور سياسي لأكراد كركوك في تولي حكم المحافظة.
الجانب الآخر يتعلق بوجود الفصائل المسلحة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي، هذا الموضوع حقيقة مؤشر خطير، لأنه لم تعد هذه الفصائل على الجانب العربي، وإنما هناك فصائل لمكونات أخرى مثل التركمان والشبك وحتى المكون المسيحي لديه تقريبا فصيلين في كركوك، وهذا مؤشر خطير بالنسبة لمحافظة معقدة بالأصل مثل كركوك.
الخارطة السياسية وفق هذه التشكيلات ووفق نتائج الانتخابات، هي خارطة مختلفة ومعقدة بشكل كبير، فالانقسام ليس على الجانب العربي الكردي، وإنما يوجد انقسام حتى في الجانب الكردي نفسه، وربما يكون هناك انقسام في الجانب العربي، وقد يظهر للسطح بشكل أكبر مع تصاعد دور الفصائل المسلحة.
لأن المكون العربي الموجود في كركوك في أغلبه مكون سني، وهذه الفصائل الكثير منها تتبع أو لديها مرجعيات وارتباطات شيعية، ربما يظهر للسطح خلاف بين الفصائل العربية المسلحة حول حكم المحافظة. ولذلك فإن كركوك من المحافظات المرشحة لعدم الاستقرار في المرحلة القادة. وصعوبة تشكيل مجلس المحافظة بشكل متكامل، وأيضا صعوبة اختيار محافظ.
هذا الجانب يعيد كركوك إلى وضع ما قبل مرحلة 2017، قبل عمليات فرض القانون، ويضعها في موقف واضح من عدم الاستقرار، وبالتالي إرادة القوى السياسية باتجاه إعادة الاستقرار لهذه المدينة تكون قد انتفت وفشلت في ضمان عودة الاستقرار إلى هذه المحافظة.
كركوك كما قلنا بسبب وضعها الاقتصادي ووضعها المكوناتي، وموقعها الجغرافي وبسبب خصوصيتها كمنطقة متنازع عليها، بين بغداد وأربيل، دائما ما تكون محط أنظار العالم وتكون معرضة للتدخل الخارجي الإقليمي والدولي، ولذلك تسعى الأطراف الإقليمية المؤثرة وحتى الدولية باتجاه الأمن والاستقرار في المحافظة.
ويمكن أن نقرأ الموقف الأمريكي بانه لابد أن يعود الاستقرار لهذه المدينة المهمة، أيضا الجانب التركي يؤكد على موضوع الاستقرار وحماية المكونات وحقوقهم في هذا الموضوع.
هناك جانب آخر هو الجانب الإيراني، حيث يتدخل بشكل كبير، ويسعى إلى دفع المجاميع المسلحة والفصائل المسلحة باتجاه أن يكون لها دور كبير ومؤثر على كركوك لأسباب عديدة قد يغفل ذكرها بعض الكتاب والمتابعين مثل قضية تهريب النفط بشكل كبير، من جانب آخر ربما تسعى إيران إلى تحييد الأحزاب الكردية من أن تتوسع في نفوذها خارج مناطق إقليم كردستان العراق. وهذا ما تستند إليه الحكومة العراقية، في هذا الموضوع.
وفق هذه الأفكار، أو هذه الرؤية المقتضبة والمختصرة جدا، نطرح سؤالين هما:
السؤال الأول: إن التوازنات السياسية في ضوء الخارطة السياسية الحالية حيث أفرزت الانتخابات عن 7 مقاعد للمكون الكردي، و6 للمكون العربي، ومقعدين للجانب التركماني، ومقعد للمكون المسيحي حركة بابليون، كيف نقيم التوازنات السياسية في هذه المرحلة، باعتبار أنه كل وضع أمني مستقر قائم على نوع مستقر من التوازن، وهذه عادة ما تكون متواجدة في الدول الهشة التي يضعف فيها موضوع إنفاذ القانون.
فالطريقة الوحيدة لضمان الأمن والاستقرار النسبي هو وجود نوع من التوازنات السياسية والتوازنات الأمنية، لذلك نركز كثيرا على موضوع التوازنات السياسية، كيف نقيم التوازنات السياسية في ضوء الخارطة السياسية الحالية؟
السؤال الثاني: كيف تؤثر هذه التوازنات على مستقبل المحافظة أمنيا؟
المداخلات:
-الأستاذ الدكتور خالد العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
هل تمثل محافظة كركوك عراقًا مصغَّرا؟
أعتقد أن موضوع هذه الحلقة النقاشية مهم كونه لا يؤثر فقط على مستقبل مدينة محددة، وإنما يؤثر على مستقبل العراق بشكل كامل، من خلال مستقبل كركوك، هذه الورقة البحثية المهمة عرض فيها الباحث الدكتور حسين السرحان، بشكل مفصل واقع مدينة كركوك بعد عام 2003، مع تطرقه إلى بعض المفاصل التي سبقت هذا التاريخ.
في اعتقادي أن الكلام الذي يقال دائما بأن كركوك هي عراق مصغّر هذه حقيقة، لكن هذه الحقيقة لا تعكس أن كركوك عراق مصغر في تنوعه الاثني والديني وما شابه ذلك فقط، وإنما هي عراق مصغر في مشاكلها أيضا والتحديات التي تواجهها.
إذا أردنا أن نعرف طبيعة التحديات التي تواجه العراق عموما، نذهب إلى كركوك لنرى ما هي المشاكل والتحديات التي تواجه هذه المدينة، فقد عانت هذه المدينة منذ تشكيل الدولة العراقية إلى هذا اليوم من التدخل الخارجي، وكان هذا التدخل الخارجي واضحا للغاية، سواء من تركيا أو من إيران أو حتى من قوى أخرى تحاول أن تخلق مشاكل أمنية للعراق.
ولا زالت كركوك لحد هذه اللحظة تعاني من هذا التدخل الخارجي، وقد تطرقت ورقة الدكتور حسين سرحان لهذا الجانب، فكركوك اليوم من ناحية جغرافية يعد موقعها جيواستراتيجي بشكل كبير، ومن ناحية الثروات فهي تمتلك ثروات كبيرة، تثير شهية كثير من القوى الطامعة، سواء كانت محلية أو دولية، وللأسف كانت انعكاسات هذا التدخل الخارجي سلبية على العراق عموما وعلى سكان هذه المدينة.
حال كركوك هو كحال البصرة كلا المدينتين تمتلكان ثروات ضخمة للغاية، ولكن لم يستفد سكان هاتين المدينتين من هذه الثروات، وكانت النتيجة أن من يطلع على واقع السكان اليوم في هذه المدينة، يجد أن هنالك حالة كبيرة من الفقر وعدم الرضى، عن واقعهم المعاشي وعن واقعهم السياسي والأمني ووجودهم في الدولة العراقية.
بالنسبة للأسئلة التي طرحتها الورقة، فيما يتعلق بتقييم التوازنات، أجد وقبل أن نتكلم عن هذا الموضوع، من الضروري الإشارة الى أهمية إجراء انتخابات محلية في كركوك، فبعد آخر انتخابات في عام 2005، يعد اجراء الانتخابات المحلية مؤشرا إيجابيا على العملية السياسية في العراق، وهذا يدل على أن هناك حالة من حالات التقدم، أي يوجد تقدم في اتجاه المزيد من الاستقرار السياسي.
نتائج الانتخابات المحلية التي جرت مؤخرا في كركوك عكست الواقع السكاني للمدينة، نحن نعرف قبل هذه الانتخابات كان أخواننا الكرد ينظرون إلى كركوك على أنها مدينة كردية، وبالنتيجة هي ضمن اقليم كردستان كما كانوا يطالبون بضمها للإقليم.
لكن نتائج هذه الانتخابات أثبتت العكس، اذ أثبتت أن هذه المدينة لا سيادة فيها لمكون اثني محدد، وانما هنالك نوع من التوازن، هنالك نوع من الأغلبية لبعض المكونات، ولكن في كل الأحوال تبقى كركوك مدينة متنوعة، وهذا التنوع يمثل واقعها، فلا يمكن أن يقال عنها بأنها مدينة عربية، أي ذات طيف عربي بالكامل، ولا يمكن أن يقال أنها مدينة ذات طيف كردي بالكامل، أو مدينة تركمانية بالكامل، لأن حتى التركمان كانوا يقولون كركوك تركمانية وكانت هكذا طروحات تُطرح بين حين وآخر.
الشيء الإيجابي في هذه الانتخابات أن جميع القوى لم تحاول أن تطعن أو تشكك بالنتائج، وهذا يعني أن القوى التي شاركت في العملية الانتخابية كانت راضية عن نتائج هذه الانتخابات، المؤشر على الكرد أنه ليس في كركوك وحدها عندهم انقسام، فنحن لاحظنا في مدينة ديالى على سبيل المثال، أن الحزب الديمقراطي، مثل الكرد عربي، يعني من قائمة الحزب الكردي فاز مرشح عربي، وهذا يعني ان هناك تحول لدى الناخب، أي أنه ينتخب الشخص الذي يراه على الأقل أكثر تمثيلا له.
لذا أعتقد أن هذه النتيجة، في كل الأحوال، العرب والتركمان والمسيحيين، هم ذاهبون إلى الائتلاف مع بعضهم، لأن هنالك نوع من الائتلاف الذي يحدث فيما بينهم، ومجموع مقاعدهم 9، الحزبان الكرديان ليس بالضرورة يأتلفان مع بعضهما، لأننا نعرف بأن الاتحاد الوطني عنده صراعات كثيرة مع الحزب الديمقراطي، ولكن في كل الأحوال هم فازوا بسبع مقاعد في هذه المدينة.
النتيجة لا يستطيع الكرد تحقيق الأغلبية 50% + 1. لكي يتمكنوا من تشكيل السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية في هذه المدينة، لذا سوف تكون هناك حاجة كبيرة للائتلاف فيما بين هذه القوى، فلابد أن تكون هناك توافقات، حتى تُدار المدينة بشكل جيد، وهذا الأمر ليس بالضرورة يعني بأن المحافظ القادم سوف يكون عربيا.
هذا الأمر إيجابي، بشرط أن تصبح مصلحة شعب كركوك هي التي يتم تقديمها على أية مصلحة سياسية أخرى، سواء مصلحة الإقليم، أو مصلحة الخارج، خارج العراق، أو حتى مصالح القوى المتصارعة، يعني القوى الطائفية أو العسكرية ذات البعد الأمني العسكري المتصارع.
إذا استطاعت هذه القوى الموجودة في مدينة كركوك أن تتوافق مع بعضها، سوف يكون هناك كما أعتقد مستقبل جيد لهذه المدينة، أما إذا اختلفوا وتركوا التأكيد على مصلحتهم، لمصلحة قوى أخرى خارج مدينة كركوك، أعتقد بأن مستقبل هذه المدينة سوف يكون سيئا للأسف، وأخشى ما أخشاه على مستقبل مدينة كركوك أن تدخل في الحسابات الاتحادية، أي يتم ربط تشكيل حكومتها المحلية بصفقة سياسية تبرمها القوى السياسية فيما بينها على المستوى الاتحادي، فتكون هناك قوى شيعية أو كردية تحاول الضغط على الحكومة في بغداد، أو على الحكومة في أربيل من خلال ملف كركوك.
يحتاج الأمر من الأخوة الذين فازوا من الأحزاب، وأقصد بهم الأشخاص المرشحين الـ 16 الذين فازوا بالانتخابات المحلية في كركوك، أن يكونوا أكثر وعيا، ويعملون لمصلحة مدينتهم، حينذاك سوف تُحلّ هذه المشكلة ويكون ذهاب كركوك بشكل آمن نحو المستقبل.
قضية الفصائل المسلحة باعتقادي، من الناحية الأمنية، الفصائل المسلحة التي تعمل خارج القانون، وتعمل خارج السلطة القانونية، لا تمثل تهديدا لكركوك، وإنما هي تشكل تهديدا أمنيا لكل العراق، وبالنتيجة فإن هذه القوى إذا لم تحلّ مشكلتها على مستوى العراق ككل، فلا يمكن أن تُحلّ مشكلتها على مستوى كركوك، وسوف يبقى لها تأثير سلبي في كركوك، كما يوجد لها تأثير سلبي على عموم العراق.
-الدكتور علاء الحسيني باحث في مركز آدم للدفاع عن الحقو والحريات:
كركوك بحاجة إلى اتفاق سياسي
إن التوازنات السياسية والأمنية في محافظة كركوك تتأثر بشكل مباشر بنتائج الانتخابات التي أعلنت قبل أسابيع قليلة، ولكن في تصوري إن كركوك تكاد تكون ليست بحاجة إلى نتائج الانتخابات، بقدر ما هي بحاجة إلى اتفاق سياسي، بين كل المكونات، وهذا ما كرسه البرلمان العراقي وفق المادة 35 التي تم ذكرها في الورقة، لأن الفقرة الأخيرة منها، تتحدث عن أنه بغض النظر عن النتائج يجري توزيع السلطة حسب المكونات.
وبالتالي حتى وإن افترضنا أن أحد المكونات لم يحصل حتى على مقعد واحد، فسوف يأخذ منصب محافظ أو نائب محافظ أو رئيس مجلس محافظة، أو ما شاكل ذلك، لأن القانون صريح في هذه المادة، حيث ينص على أنه بغض النظر عن النتائج يجري تقاسم السلطة بحسب المكونات الموجودة في محافظة كركوك.
بالتالي فإننا نحتاج إلى اتفاق سياسي حقيقي ما بين المكونات الكردي والتركماني الشيعي أو المسلم لتمرير الحكومة المحلية في كركوك وتمرير المجلس المحلي أو مجلس المحافظة في كركوك، وبالتالي بدء سياسة محلية خاصة بكركوك، أضف إلى ذلك إن هذا الموضوع يرتبط كثيرا بلجنة المادة 140 في البرلمان العراقي، ولجنة التقصي التي تم ذكرها أيضا في فحوى الورقة، وهي موجودة اليوم على مستوى كركوك وقد تدخلت بأدق التفاصيل بالنسبة لسجل الناخبين، وبالنسبة للفئات التي شاركت في الانتخابات كناخبين.
كذلك بالنسبة للذين لديهم إحصاء عام 1957 أو الذين ليس لديهم هذا الإحصاء، على أنهم من سكنة كركوك قبل 2003، أما بعد 2003 لابد أن يكون لديه سكن في المحافظة لعشر سنوات لابد أن تكون متصلة مع بعضها، وهناك تفصيلات معقدة جدا تهدف إلى تنقية سجل الناخبين في محافظة كركوك.
لذلك فإن الأمر يحتاج أيضا إلى أن ننظر إلى المادة 140، من الدستور التي تعتمد على المادة 58 للمرحلة الانتقالية التي تتضمن ثلاث مراحل، والتي هي التطبيع ثم الإحصاء ثم الاستفتاء الذي يمكن أن يُجرى.
المحكمة الاتحادية كان لها رأي سابق حول المادة 140، وأنها لم تسقط بعد، وأن المُدد الموجودة فيها، التي تنتهي في 31 كانون الأول 2007 لم تنتهِ، وبالتالي هي ممكن أن تكون موجودة وفاعلة حالها حال المادة 142 من الدستور، إذ يفترض أن يجري تعديل الدستور خلال ستة شهور، وتشكيل لجنة لاقتراح تعديل الدستور، فقالت اللجنة إن هذه المادة لم تسقط، فمن باب أولى أن المادة 140 أيضا لم تسقط بانتهاء المدة المحددة بـ 2007.
لذلك فإن هذا الملف لا يكون بعيد عن ملف تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، ولذلك عطفا على ما بدأت، نحتاج إلى اتفاق سياسي حقيقي بحسب نتائج الانتخابات لتشكيل مجلس محلي أو ما شاكل ذلك، ويمكن أن الأيام القادمة تحمل الكثير من المفاجآت حول هذا الموضوع.
-الأستاذ عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدفاع عن الحقوق والحريات:
اتفاقات لتهدئة الأوضاع في كركوك
أعتقد أن الاتفاق غير واضح، فبعض الأشياء تعرفها من عناوينها، حول الموضوع في كركوك وهناك اتفاقات على تهدئة الوضع، وإلا ما كانت أُجِّلت الانتخابات أصلا، لأنه كان هنالك طعن في المحكمة الاتحادية على موضوع الانتخابات وقانونها، لذا فإن هذا دليل واضح على ان الأمور سائرة باتجاه التهدئة، وتأجيل بعض الأمور إلى نهاية الحكومة الحالية.
طبعا بحسب فهمي للموضوع أن التهدئة ناتجة من اختلاف الرؤى فيما بين الأكراد، فالأكراد يعتبرون كركوك مهمة لهم، بسبب وجود آبار النفط في هذه المدينة، وليس بسبب موقعها الخاص، ولا لتواجد السكان الأكراد فيها، ولكن بسبب وجود آبار النفط فيها هذا ممكن، وكركوك مهمة لبعض دول الجوار لأنها المنفذ الذي يربط كركوك باتجاه الموصل ومن ثم باتجاه سوريا.
الدول الأخرى، تركيا وغيرها، أيضا موضوع التركمان مهم بالنسبة لهم، لكن الذي غير الوضع كما أعتقد هو اختلاف الرؤى عند الأكراد، فكانت الفكرة أن يُقام إقليم وانفصال كامل، وكركوك تُلحَق بهم، لأنهم يحتاجون إلى الطاقة والموارد، لكن موضوع الانفصال انتهى وحدثت عندهم انتكاسة كبيرة.
قضية الفساد وسوء الإدارة أيضا بدأت تظهر لديهم، فحدث انشقاق واضح في الاتحاد بين الحزبين الرئيسين، الاتحاد الوطني، والاتحاد الديمقراطي، أنا باعتقادي أن موضوع كركوك أصبح ضعيفا، بالنسبة لهم، فالقائمة العربية حسبما ذكرت الورقة هي الأقرب لإدارة المحافظة، وأنا القائمة الواحدة بدون تكتل حصلت على 5 مقاعد، فاعتقد أن السلط التنفيذية ماضية باتجاه الكتلة العربية.
وبالنتيجة فإن الكتلة العربية سوف تكون أقرب إلى الحكومة المركزية، إذ يوجد شيء في هذا الموضوع، في كركوك أغلبهم كانوا ناقمين من سيطرة الأكراد، لذا فإنهم متجهون نحو الكتلة العربية في أغلبيتهم، بدون أحزاب، لان قضية الأحزاب توضحت في قضية الانتخابات، حتى أنهم بعيدون عن أحزاب الأنبار، وعلاقتهم معهم ليست جيدة حتى في الحكومة السابقة.
عموما التوازنات لم تخلق أحزابا حقيقية في كركوك، وإنما لعبة الانتخابات ما زالت موجود من سنة 2003 وإلى حد الآن، فإلى أن تستقر الأوضاع وتنبثق أحزاب من داخل المحافظة، من الممكن أن يتم هذا الشيء، التوازنات أيضا سوف لا تؤثر كثيرا، وإنما يؤثر الاتفاق السياسي المركزي باتجاه إنشاء الحكومات المحلية.
أنا باعتقادي سوف لا تخلو ديالى والموصل وكركوك من تحركات الأحزاب، وحسب قراءتي للأحزاب، أرى أن محافظة كركوك قد تشهد مستقبلا مجموعة أزمات كبيرة إذا ما شعر الأكراد بأن مستقبلهم في هذه المحافظة قد يكون مستقبلا ضعيفا أو واهيا، لكن باعتقادي أن هذا الموضوع سوف يستمر فترة من الزمن وقد يحدث تدخل خارجي في المدينة.
-الشيخ مرتضى معاش رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام:
تراجع تأثير التنوع العرقي سياسيا
أحد الأخوة استشكل الخوض في هذا الموضوع وسأل لماذا اخترتم مناقشة موضوع كركوك؟، ولكن أتصور إنه موضوع هام جدا، ربما الأخ الذي اعترض على مناقشة هذا الموضوع لا يمتلك رؤية دقيقة عن أهمية ملف كركوك، وقال الشخص المعترض إنه موضوع ليس من اختصاصنا، ولكن أنا أتصور بأن قضية كركوك نحن لدينا تركيز على جانب التنوع العرقي، ولكن أنا في رأيي الشخصي بأن هذه المسألة قد تجاوزناها.
هناك أشياء أصبحت أهم من التنوع العرقي والاثني في كركوك، كما أتصور أن هذا البعد دخل في مرحلة ثانية أو ثالثة، فهناك ثلاثة أبعاد، بعد النفط، وبعد الموقع الاستراتيجي لمدينة كركوك، ويمكن أن تأتي قضية التنوع العرقي في المرتبة الثالثة، ولذلك فإن الاختلاف يكمن في تطور الصراعات في العراق إلى شيء أبعد وأقوى من النزعات الطائفية والقومية.
بدليل أننا نلاحظ إن الاختلاف الموجود حول كركوك بين نفس الحزبين الكردين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي هو أكبر وأقوى من الاختلاف الموجود بين العرب والأكراد، وهذا واقع موجود وصراع لا يمكن نكرانه، حتى قضية الانفصال الذي حدث سابقا، والذي ساهم في عملية كركوك ورجوعها تحت سلطة المركز كان هناك دور كبير فيها للاتحاد الوطني، وهذه القضية واضحة.
فحزب الاتحاد الوطني لديه مشروعه الخاص وعنده أجندة تختلف اختلاف كبير جدا عن اجندة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحتى كان يخطط لمشروع لانفصال عن كردستان، لينضم في إقليم جديد يضم سليمانية وكركوك، هذا هو المشروع الذي كان يهدف إليه الاتحاد الوطني، بالإضافة إلى الاجندات والأهداف الموجودة والتي تتوسع محليا وإقليميا ودوليا، على أن الاتحاد الوطني ينتمي إلى تحالف إيراني يمتد إلى التحالف الشيعي في العراق، إلى حزب العمال الكردستاني.
هذا التحالف هو بالنتيجة نقيض كامل للحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتحالف مع تركيا، وهكذا نلاحظ هذه التعقيدات الموجودة في هذه القضية، من المهم جدا أن نقرأها بوضوح، لذلك فأنا قلت بأن المكون السني الذين خاضوا الانتخابات في المدينة من هم؟
هؤلاء بالنتيجة إنْ كانوا ينتمون إلى حزب التقدم للحلبوسي فمن المؤكد أن أي تحالف يتم تشكيله في كركوك لن يكون مع الاتحاد الوطني، وإنما يكون على نقيض، أي يمكن أن يشكل تحالفا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، فهل هؤلاء ينتمون إلى الإطار التنسيقي أم إلى جهة ثانية؟، فهذا التوجه يدخل في مشروع الإطار التنسيقي الشامل الذي يمتد من زاخو إلى الفاو، وهو تشكيل تحالف إطاري شامل.
والدليل على ذلك ما لاحظناه في قضية بابليون حيث انتزعوا اربعة مقاعد كاملة للمسحيين، أليس كذلك، فأخذوا أربعة مقاعد على عموم العراق، وهذا يعني أنهم انتزعوا المقاعد المسيحية لـ (بابليون) ومعنى ذلك تشكيل تحالف إطاري شامل.
فهذا يدل على أن الإطار الاستراتيجي سوف يكون هو الحاكم في محافظة كركوك في المستقبل باعتبار أنه يتبع قضية إيران، وهناك مشروع إيراني استراتيجي كبير كان موجود سابقا، والذي يسمى بـ طريق الحرير الإيراني، الذي يأتي عن طريق كركوك، ومن ثم يذهب إلى سنجار، فالصراع على سنجار ربما هو أقوى من الصراع على كركوك، ثم يذهب إلى سوريا. فهذا أيضا بعد مهم جدا.
لذلك فإن الخاسر الأكبر في هذه القضية هو الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي ربما خرج بسبب سوء إدارته لملف الانفصال والاستفتاء، خرج من اللعبة، مع أنه دخل مع الإطار التنسيقي، خصوصا في بغداد، وبالنتيجة قطع النفط عن تركيا، كذلك تركيا خسرت في هذه المعادلة ويكون الرابح الأكبر في هذه اللعبة هم إيران والإطار التنسيقي.
لذا أتصور أيضا هناك البعد الدولي في هذه القضية، بالإضافة إلى البعد الإقليمي وهو جعل مدينة كركوك محمية عن كل التأثيرات، في إحدى المرات قرأت تقريرا عن هذا الموضوع، قبل سنوات يقول بأن كركوك هي خط أحمر أمام أي تدخل خارجي وهي مدينة لوحدها وتكون منعزلة عن أي تأثيرات دولية، تساهم في تأجيج الوضع، باعتبار أن النفط يشكل مصلحة عالمية، أي أن استمرار تدفق النفط من كركوك إلى العالم مصلحة عالمية، وليست مصلحة إقليمية أو محلية فقط.
-الأستاذ أحمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات:
مستقبل كركوك مرتبط بالحكومة الاتحادية
لا أرغب بتكرار ما ذكره الأخوة الذي سبقوني، لكنني أريد أن أذكر بأن مستقبل كركوك السياسي والأمني مرتبط بمستقبل الحكومة المركزية، العاصمة بغداد، فإذا كانت الحكومة في بغداد قوية فإن مستقبل كركوك السياسي والأمني يكون مستقر، ويكون باتجاه العاصمة، والجميع يعرف أنه في السنوات السابقة التي كانت فيها السيطرة على كركوك للأكراد، كانت جميع الحكومات التي تشكلت في بغداد تحتفظ بعلاقة خاصة بالحزب الديمقراطي الكردستاني.
سواء كانت الحكومات شيعية، أو التي تسمى شيعية، فحكومة بغداد تُشكل في منتجع صلاح الدين، والبرزانيين يفرضون إرادتهم وشروطهم، وكان موقف الإقليم أقوى من موقف بغداد، لأن العراق كان يتعرض إلى موجة كبيرة من العقاب والإرهاب وغيرها، فكانت سطوة الإقليم متماسكة تقريبا بين الحكومة والأكراد على المصالح كانت أقوى،
أما الآن فإننا لاحظنا ان وضع الإقليم لا يُحسد عليه من جميع النواحي، السياسية أو تحالفاتهم الداخلية، أو حتى من الناحية الاقتصادية، وبالتالي هم يعيشون مشاكل وأزمات داخلية، وأيضا ازمة مرتبات موظفيهم، يعانون منها لحد الآن، وهم يعانون من الدكتاتورية والاستبداد والفساد وكثير من الأمور.
بالإضافة إلى الصدمة الكبيرة التي تعرض لها الأكراد في قضية الاستفتاء، ولو أنهم لم يهبوا باتجاه إقامة هذا الاستفتاء لكانوا في موقف أقوى مما أصبحوا عليه، ولو أنهم ظلوا يلوحون بالاستفتاء ولم ينفذوه فعليا لكان موقفهم أفضل لكن بعد إجراء الاستفتاء، فأعتقد أنه هو الذي كسر ظهر الحزب الديمقراطي وكسر شوكته سواء كان دوليا إذ أنه لم يجد مساندة دولية، أو إقليميا، وحتى محليا.
وبالتالي نلاحظ أن نفوذ بغداد الآن، كلما يهدأ الوضع أكثر داخل العراق، يكون الاستقرار أكثر، والتوافقات أكثر في داخل بغداد، وعلاقاته مع محيطه العربي والدولي يكون أقوى، فتكون السيطرة لبغداد على كركوك هي الأكبر.
وبالتالي أعتقد أن التحالف العربي في كركوك بالإضافة إلى المكون التركماني مع فرض الشروط على التحالف العربي، لمصالح معينة يريدونها، بالإضافة إلى أنهم إذا تمكنوا أن يجروا بعض التوافقات لحزب الاتحاد الديمقراطي، اعتقد ستكون السيطرة مطلقة لهذه الجهات على مدينة كركوك.
-الأستاذ حيدر الأجودي باحث في مركز المستقبل للدراسات والبحوث الاستراتيجية:
كركوك مشكلة ليست محلية
الحقيقة أصبحت مشكلة مدينة كركوك الغنية بالنفط، ليست محلية، بل هي مشكلة ذات أبعاد إقليمية، أتذكر في أحد الأيام قرأت خبرا عن مسؤول تركي، أو تصريحا جاء فيه: إن كركوك تركمانية.
في إشارة إلى أهمية إضعاف الأكراد وعدم تقويتهم، حتى لا يؤثر ذلك على أكراد تركيا، فيدعو الجانب التركي بهذا الاتجاه، وإيران كذلك، وقد عودتنا كركوك أيضا بحدوث الكثير من المشاكل ربما آخرها، قتل متظاهرين في 2/ 12 وهم قد خرجوا للمطالبة بحقوقهم ورواتبهم.
ما نخشاه حقيقة هو إحداث أعمال شغب كما حدث في البصرة من أجل الضغط على الاحزاب والتكتلات لانتزاع منصب المحافظ، فالأيام حبلى بالكثير من المشاكل سواء في كركوك أو في البصرة كما ذكر الآخرون، لأنهما (البصرة وكركوك) هما من أغنى المحافظات من الناحية النفطية.
-الأستاذ حامد الجبوري باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
لدي سؤال فقط، ما هي جدوى الانتخابات إذا لم تضمن مشاركة الجميع، فما هي جدوى الانتخابات في هذه الحالة، يعني من الضروري مشاركة الجميع في اختيار السلطة، أما في حال تكون المشاركة قليلة فلا داعٍ لإقامة هذه الانتخابات، يا حبذا لو ينورنا البحث في إجابته عن هذا السؤال؟
-الأستاذ حسين علي حسين مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
التنافس السياسي والتعدد العرقي
من المتعارف عليه يسكن محافظة كركوك خليط سكاني يتكون من عدة اعراق او مكونات. المكون الأكثر عددا من الأكراد. والمكون الثاني من العرب. والمكون الثالث من التركمان. وهذا التباين في اعداد المكونات يجعل الكفة تميل لصالح الكرد لأنهم الأكثر عددا. وهذا الأمر تأكد بعد حصول الأكراد على النسبة الأكثر من المقاعد المحلية يليهم العرب ثم التركمان...
ولكن مدينة كركوك جامعة لكل القوميات ولا يجوز احتكار السلطة للأكراد بسبب كونهم الأكثر عددا. كما أن الادعاء بأن كركوك كردية ليس صحيحا ولا يساعد على تثبيت أركان السلم الأهلي في هذه المدينة... لذا من الأفضل الالتزام بالتوازنات السياسية بحسب ما افرزته انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في الشهر الماضي كانون الأول حيث توجه الناخبون في كركوك بكثافة نحو مراكز الاقتراع وبلغت نسبة الانتخاب ٦٥٪ وهي الأعلى في جميع المحافظات.
اذ كانت المنافسة قوية... لكن تبقى قضية التوازن السياسي مرهونة بمدى التزام القوى السياسية بالدستور وتطبيقه بما يحمي التعايش السلمي في كركوك.
أما حول الوضع الأمني كما جاء في السؤال الثاني: فقد أشارت مصادر إعلامية إلى أن مجلس محافظة كركوك يتكون من ١٦ مقعدا... فاز الأكراد ب ٧ مقاعد. وفاز العرب ب ٦ مقاعد. وفاز التركمان بمقعدين. وفاز المسيحيون بمقعد واحد.
ان الوضع الأمني في كركوك سوف يتبع السلوك السياسي للأحزاب والجهات السياسية التي حصلت على مقاعد في مجلس المحافظة. فإذا كانت هذه الحركات واعية لدورها في قيادة وإدارة المدينة سياسيا فإن هذا الوعي والتفاهم بين القوى الحاكمة سوف ينعكس إيجابا على الوضع الأمني.
ويتعلق هذا الأمر بدرجة الالتزام بالدستور من قبل القيادات الكردية والعربية والتركمانية. فالأمر يتعلق بقادة هذه الجهات ودرجة حنكتهم وحكمتهم وقدرتهم على التعايش مع بعض من خلال الحفظ المتبادل للحقوق.