ارتبط اسم المرجع الديني السيد كاظم الحائري المولود في كربلاء عام 1938، والمقيم حالياً في إيران، باسم التيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر بعد عام 2003، في مسألة التقليد والرجوع إلى الفقيه المجتهد بعد اغتيال مرجعهم السيد محمد صادق الصدر والد السيد مقتدى الصدر، سواء فيما يسمى بالمستحدثات في الفقه الشيعي أو فيما يتعلق بالغطاء الشرعي الديني؛ وذلك استناداً إلى وصية السيد محمد الصدر، على الرغم ما يدور من جدل حول تلك الوصية، التي يراها البعض بأنها كانت وصية مشروطة، وشرطها كان متوقفاً برجوع الحائري إلى بلده العراق، والبعض يقول بأنها غير مشروطة، وان السيد محمد صادق الصدر وصى به علناً قبل ان يغتاله النظام السياسي السابق عام 1999م. هذه الجدلية تداخلت بين الدين والسياسة، ولاسيما أن السيد الحائري كان كثيراً ما يتدخل بالسياسة، وهناك من يستشكل عليه سياسياً، ولاسيما في كتابه الموسوم "دليل المجاهد" الذي اصدره بالضد من النظام السياسي السابق وعناصره ومن يدافع عنه (عسكرياً ومدنياً) وفتواه الخاصة بالتعامل مع المنتمين لحزب البعث وتقسيمهم إلى خمسة اصناف، التي صدرت بعد سقوط النظام السياسي السابق عام 2003، وكيفية التعامل مع كل فئة من هذه الاصناف، فضلاً عن استفتاءه الاخير فيما يتعلق بتحالف السيد مقتدى الصدر مع السنُة والاكراد سياسياً أو ما سمي بتحالف "انقاذ وطن"، أذ افتى السيد الحائري بحرمة التحالف مع الاكراد والسنُة العراقيين؛ وذلك من اجل قطع الطريق على زعيم التيار الصدر في المضي بمشروعه السياسي، المتمثل بمشروع الاغلبية الوطنية، الذي تبناه بعد فوز تياره بـ(73) مقعد في انتخابات العاشر من تشرين الاول عام 2021، واخيراً بيانه أو موقفه من تظاهرات التيار الصدري واعتصامه في المنطقة الخضراء، الذي سحب من خلاله "كما يظن" الشرعية السياسية والدينية من السيد مقتدى الصدر وحركته الاحتجاجية في إصلاح واقع العملية السياسية، حينما نصحه بالرجوع إلى مرشد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي.
إذاً كيف يمكننا قراءة وتتبع هذه الجدلية، وكيف انعكست على واقع التيار الصدري السياسي والديني، وكيف سيتعامل الصدريون ولاسيما زعيمهم السيد مقتدى الصدر بعد قرار اعتزال مرجعية السيد الحائري المرجعية الدينية؟
في البدء لابد أن نستعرض موقف السيد الحائري من حركة السيد محمد صادق الصدر ضد النظام السياسي العراقي السابق، إذ كان موقفه "كما يعتقد الكثيرون" متأثرة بالموقف الإيراني وبعض المواقف الدينية في العراق، الموقف الذي ذاع صيته أنذاك "بما يعتقده البعض أو ما شاع" عن صلت الصدر وعلاقته بالنظام العراقي السابق "وهي اشاعة، يقال بأنها أطلقت من بعض المرجعيات الشيعية في النجف الأشرف وإيران "كما يقول رشيد الخيون في كتابه 100 عام على الإسلام السياسي في العراق(*)"؛ وذلك بسبب تحفظها على حركة الصدر أنذاك. ولما حاول السيد محمد الصدر، توسيع قاعدة مرجعيته إلى إيران، أو بين العراقيين هناك، لم يجد ترحيباً بقدر ما استقبل مبعوثه بالصدود والرفض. ويُذكر أنه بعث السيد جعفر بن محمد باقر الصدر "نجل السيد الشهيد محمد باقر والسفير العراقي الحالي في لندن" لفتح المكتب وأوصاه بعدم (التدخل في السياسة، وما عليه بالسياسة... وبأي شيء من المعارضين للدولة هناك "إيران"، أو معارضين للدولة هنا "العراق"، أو شيء من هذا القبيل، وإنما يكون موقفه دينياً). ولتهيئة فتح المكتب يقول الخيون: بعث الصدر إسماعيل مصبح الوائلي، وقدم نفسه أنه وكيل الصدر بالخارج، إلا أنه فشل في إقامة أية آصرة مع علماء الدين الإيرانيين. ومع ذلك افتتح المكتب في 13 رجب 1419هـ 10 مايو 1998 بمدينة قم، وذلك بعد وصول جعفر الصدر إليها.
لم تكن هناك علاقة بين السيد محمد الصدر وقادة الدولة الإيرانية، وكانت قياداتهم السياسية والدينية متجاهلة تماماً لمرجعيته، بما ليس فيه على أنه متعاون ومتعامل مع سلطة بغداد الجائرة أو نظام صدام حسين. وحقيقة الأمر ليس هذا السبب فحسب، بل أن الاختلاف الفقهي بين مرجعية إيران ومرجعية الصدر، دور كبير في تلك المواقف. وقد أُزيلت صورة محمد باقر الصدر من المكتب المزمع فتحه في إيران، بيد الشيخ حسين المؤيد(**)، وأن آية الله السيد كاظم الحائري، الذي عُدّ مرجعاً للتيار الصدر في أول نشأته، طرد رسول الصدر إسماعيل الوائلي من داره، واتهمه أيضاً بأنه يعمل لصالح المخابرات العراقية، ويُذكر أن الحائري رفض خصوصية الحديث مع مبعوث الصدر.
وينقل الوائلي ما جرى من حوار في مجلس السيد الحائري حينما قال له: عندي رسالة خاصة من السيد الصدر إليك، ألقيها عليك سراً، فقال: ليست عندي لقاءات خاصة، وإنما لقاءاتي معلنة، فقلت لكن السيد الصدر اوصاني أن تكون سرية فقال: أنا لا توجس عندي من ثقاتي، وهم كأولادي. ولما رفض السيد الحائري استلام الرسالة رد الوائلي بالقول: (الظاهر أن السيد الحائري ليس أهلاً لهذه الرسالة). وكان رسول الصدر يعول على السيد الحائري ومحمد رضا النعماني(***) على افتتاح مكتب الصدر في قم، إلا أن الأول رفض استلام الرسالة والثاني تعذر بمرضه، حتى لا يتلو رسالة الصدر إمام الحضور في المناسبة. كذلك رفض الحائري طلب جعفر الصدر لحضور حفل الافتتاح بالقول: (ماذا يفعل محمد الصدر بالمكتب هنا، ألا تكفيه النجف) واخيراً، اغلق المكتب قبل افتتاحه.
لهذا تطرح الكثير من التساؤلات حول جدلية علاقة السيد الحائري بالصدر الاب قبل الصدر الابن، فمن الغرابة بمكان أن يكون للحائري هذا الموقف السلبي من حركة السيد محمد الصدر التي قارعت النظام العراقي السابق، بينما يصبح الفقيه المجتهد للتيار الصدري بعد الإطاحة بنظام صدام حسين، ولم يكتفي بهذا فقط، فقد واجه مشروع زعيم التيار الصدري المتمثل بالأغلبية الوطنية، التي طرحها السيد الصدر بعد فوز تياره بالمركز الاول في انتخابات تشرين، إذ حرُم السيد الحائري التحالف مع (السنُة والكرد) حلفاء السيد الصدر على المستوى السياسي، ولم يكتفي بذلك، فقد حاول تجريد الاخير من شرعيته الدينية، بعدما اعلن اعتزاله المرجعية واوصاه بالرجوع إلى مرشد الثورة الإيرانية السيد علي الخامنئي؛ ولهذا تواردت الكثير من الاسئلة حول مواجهة السيد مقتدى الصدر لهذه الإشكالية التي تسبب بها عزل او اعتزال السيد الحائري له؟
ربما المتتبع لسلوك السيد الصدر السياسي والديني، قد يلاحظ بأنه لا يكترث بالمسائل الدينية والشرعية بقدر ما يهتم بالأمور السياسية الوطنية، وهو لا يكترث بوصايا وفتاوى السيد الحائري، ولاسيما السياسية منها؛ لكون الرجل مقلد لأبيه السيد محمد صادق الصدر، ويدرك ايضاً بأن وصية والده بالرجوع إلى السيد الحائري بعد مماته كانت مشروطة بالرجوع إلى العراق، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ربما يدرك السيد الصدر أن فتاوى ووصايا السيد الحائري الاخير إليه، سواء تلك المتعلقة بتحريم التحالف مع السنة والكرد، أو بيان الاعتزال الاخير، جاءت بالضد من رغبات السيد الحائري نفسه وربما كانت بضغط من الإيرانيين، الذين لم يستطيعوا ثني السيد مقتدى الصدر عن خياراته السياسية بعد انتخابات تشرين بالطرق السياسية والقنوات الاخرى، فحاولوا ان يثنوه من خلال نزع الشرعية الدينية عنه، فضلاً عن ذلك، فأن السيد مقتدى الصدر، ربما يتحفظ "في الاصل" على سلوك وخطوات السيد الحائري ويأخذ بنظر الاعتبار مواقف الاخير من حركة والده اتجاه النظام السياسي السابق، وتوجهاته السياسية من نشاط التيار الصدري ونشاطه السياسي بعد عام 2003. ولعل ما ذكره مكتب السيد الحائري بعد بيان الاعتزال، يؤشر بوضوح على عدم رغبه بالاعتزال عن التصدي للمرجعية، وان قراره جاء نتيجة ضغوط لدواعي سياسية، إذ وجه سؤال من مقلدي السيد الحائري إلى مكتبه مفاده: (بالنسبة لمقلدي سماحة السيد الحائري، ما هو تكليفهم هل يبقون على تقليده أم يرجعون إلى مرجع آخر؟) والجواب جاء مختلفاً عما أعلنه في بيان الاعتزال، ومضمونه كالاتي:
"يرجعون إلى اهل الخبرة في تشخيص الأعلم من بين هم في دائرة الأعلمية فأن اجازوا البقاء على تقليده والا فيجب العدول عنه وحكم ذلك حكم من كان مقلداً لفقيه ومات ذلك الفقيه". وهذا ما يضعنا امام تساؤل، لماذا لم يفتي مكتبه كما جاء في بيان الاعتزال بأنهم يرجعون إلى السيد الخامنئي؟
من ناحية أخرى يوضح اتباع التيار الصدري وبعض مقلدي السيد محمد صادق الصدر ومنهم الشيخ أسامة العتابي على صفحته في الفيس بوك بعد اعتزال الحائري عن المرجعية والتصّدي الشرعي، بأنهم غير ملزمين بما طرحه الحائري؛ لأنهم يرجعون له في المسائل الفقهية المستحدثة فقط ان وجدت؛ عملاً بوصيّة مرجعهم الصدر، كذلك غير ملزمين بالرجوع الى السيد علي الخامنئي وطاعته ولائياً؛ لأن فتوى مرجعهم الصدر تُلزمهم بالرجوع مع القدرة والكفاءة الى الأعلم في الولاية، وهذا غير ثابت فيه كما معروف عند أهل الخبرة والتحقيق العلمي الرصين. على حد تعبير الشيخ العتابي، الذي يرى بأنهم ملزمين بما ورد عن السيد محمد الصّدر في لقاء الدراجي بتاريخ 24/10/1998 ما نصّه: "من ناحية التقليد أنا أعتقد إن الأعلم على الإطلاق بعد زوالي عن الساحة جناب آية الله العظمى السيد كاظم الحائري الشيرازي ولكنه حسب فهمي إنه لا يتيسر له النظر في امور الشعب العراقي لأنه غير موجود هنا ولا أعتقد أنه يتيسر له الرجوع إلى العراق فمن هذه الناحية يحتاج الشعب العراقي لو صح التعبير إلى قيادة لا تمثل التقليد يقلدون شخصاً ويأتمرون بأمر شخص أخر بعنوان الوكالة أو بأي عنوان أخر لكي يرتبهم, الشيعة والحوزة لا تكون بدون ترتيب وإذا لم تٌرتب تقع بأيدي ناس ليسوا لهم أكفاء ماكرين وطلاب دنيا بشكل من الأشكال على أية حال فتوخياً لدفع أمثال هذه النتائج المؤسفة والمزعجة ينبغي إيجاد قيادة دينية في داخل الحوزة لأجل التفاف الناس حولها واستفادة الناس منها". إذ يرى الشيخ العتابي بانهم قد عملوا بما جاء بهذا اللقاء نصّاً ويقول: بما أن الركن الأول في الوصيّة قد انتهى رسمياً، فنحن ملزمين في الاستمرار في الركن الثاني منها؛ طبقاً لأطروحة فصل القيادة عن التقليد، التي طرحها السيد محمد الصّدر، لذا نحن غير ملزمين شرعاً بما تم اشتراطه في القيادة من الاجتهاد وغيرها من الشروط، فكما لا تشترطون الأعلمية والاجتهاد المطلق في التصدي لولاية الفقيه - كما في ابحاثكم الاستدلالية - وتكتفون في القدرة والكفاءة، فالشعب العراقي أثبت الواقع خصوصاً بحاجة الناس إلى القيادة التي تمثل الجانب التنفيذي "لو صح التعبير" لما يقوله المراجع الذين يمثلون الجانب التشريعي ولو كان القائد يعمل حسب منهج المرجع الجامع للشرائط ويطبّق فتاواه على أرض الواقع ولم يخالفها. فضلاً عن ذلك، أن وصية السيد محمد الصدر "بجميع مفاصلها" كانت بصدد التقليد ليس إلا، دون باقي الجوانب الأخرى للمرجع الشمولي "لو صح التعبير" كالسياسية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي هي خارجة ولو ضمنا عن نطاق المرجعية والفتوى؛ لذلك يقول في وصيته (فمن هذه الناحية يحتاج الشعب العراقي لو صح التعبير الى قيادة لا تمثل التقليد، يقلدون شخصاً ويأتمرون بأمر شخص آخر بعنوان الوكالة أو بأي عنوان آخر لكي يرتبهم...الخ)، أي بمعنى أن المجتمع بحاجة إلى المرجع الأعلم، الذي يرجع إليه في الفتيا وأمور الاحكام الشرعية، وإلى قيادة لا تمثل التقليد، بمعنى عدم الرجوع إليها في التقليد، بل التقليد لشخص والأوامر والنواهي لشخص آخر، بنحو الوكالة أو بأي نحو آخر.
أما من ناحية اخذ الاحكام الشرعية الطارئة أو المستحدثة وتشخيص الاعلم، فقد يحصرها الشيخ العتابي "وهو من مقلدين السيد محمد الصدر"، بكلام مرجعهم الصدر وما قاله في لقاء الحنّانة بما فحواه: "إن الأعلم يجب ان يكون أحد تلامذة السيد الشهيد الأول وقد حصره بثلاثة حينما قال: الشيء الرئيسي الذي هو في الموضوع ثلاثة، واحد منهم أنا، والسيد كاظم الحائري الشيرازي، والسيد محمود الهاشمي الشهرودي" وبما ان السيد الصدر والشهرودي، قد توفوا والسيد الحائري قد ترك التصّدي رسميًا، وجب على مقلدين السيد محمد الصدر ومن باب التكليف الشرعي البحث والانتقال الى الطبقة الثانية من تلاميذ الشهيد محمد باقر الصدر ان وجدوا ممّن يتّسم بالشجاعة والتصّدّي لشؤون الشعب العراقي مع بقية الخطوط العامة التي رسمتها مرجعية السيد الصدر.
لهذا من الناحية الدينية او الفقهية، فأن خطوة السيد الحائري الذي اوصى فيها اتباعه بتقليد او الرجوع إلى السيد الخامنئي، ولدت ميتة، على المستويين (الديني والسياسي)؛ لكونها لا تتماشى مع اساسيات أو شروط التقليد في الفقه الشيعي، فليس من التقليد الشيعي "أن المرجع يسلم اتباعه كالإرث لمرجع آخر"؛ لأن مسألة التقليد ترجع في اساسها للفرد "المقلد" وليس للمرجع "المقّلد"، وان المراجع لا يلزمون مقلديهم أو الافراد باتباع مرجع معين، ولا يمكن أن تأتي التعليمات للأشخاص من فوق وإنما يتخذ القرار على المستوى الفردي وتكون خاضعة لإرادة الفرد ورغبته وقناعاته. وفي حالة وفاة المرجع او اعتزاله "كما حصل مع السيد الحائري"، فأن الافراد المقلدين له، سيبقون على تقليد نفس المرجع، ويتبعون مرجعا آخر في المسائل المستحدثة "وكل هذا خاضع لقناعتهم الشخصية". وبما ان الصدريين هم مقلدين في الاساس إلى مرجعهم السيد محمد الصدر، سيبقون على تقليده، كما هم باقون منذ وفاته، وسيجدون مرجعاً أخر فيما يتعلق بالمستحدثات، وربما يكون هناك تواصل شخصي او سري بين مكتب السيد الصدر ومكتب السيد الحائري، اذا تأكدت فرضية عزل الحائري وليس اعتزاله، بانها كانت نتيجة ضغوط سياسية.
أما من الناحية السياسية، فان السيد مقتدى الصدر وتياره لم يعودوا إلى السيد الحائري طيلة الفترة الماضية، ولاسيما بعد عام 2003، وبدليل ان اغلب فتاويه كانت بالضد من مواقف التيار الصدري السياسية، سواء فيما يخص تحالفاتهم السياسية أو مواقفهم السياسية من التدخل الإيراني في العراق. وعليه فان فإن فكرة التزام الصدر أو اتباعه في تقليد المرشد الإيراني علي خامنئي، كما طلب الحائري، تبدو بعيدة كل البعد عن الواقع، وهي دعوة ولدت ميتة ايضاً، ولا تتماشى مع خطاب التيار الصدري، الذي ينبع من ثوابت وطنية داخلية بعيدة عن كل التدخلات الخارجية، ولاسيما فيما يتعلق بتحفظه الكبير على التدخل الإيراني في العراق. لهذا فان السيد الصدر لديه مساحة كبيرة من الناحية الدينية التي من الممكن ان يتكيف بها بعد قرار اعتزال أو عزل السيد الحائري "كما ذكرنا اعلاه"، فضلاً عن ذلك، فان التكليف الشرعي "كما يقول الشيخ العتابي" لمقلدي السيد محمد الصدر البقاء على تقليد مرجعهم، والعمل بفتاواه، أما المستحدثة منها ولم يفتي بها السيد الصدر أنذاك، فيمكن تطبيق القواعد الفقهية العامة التي يقول بها إذا لم يعلم الاختلاف الفقهي في المسألة بين العلماء. أما من الناحية السياسية، من الواضح أن السيد مقتدى الصدر لم يتأثر بقرار الاعتزال؛ لأنه "في الأصل" لم يتبع السيد الحائري بالأمور السياسية طيلة السنوات الماضية، التي كانت تأتي "بشكل دائم" عكس رغبات التيار الصدري وزعيمه السيد مقتدى الصدر. لهذا تبدو الامور واضحة بالنسبة للسيد الصدر على المستويين (السياسي والديني) وليس هناك أية أزمة كما سماها البعض، حتى الاعتزال السياسي الذي أعلن عنه السيد مقتدى الصدر، هو مسألة مؤقتة قد تكون؛ لأنه سيكون مجبر على التدخل السياسي بشكل أو بآخر في ظل الاوضاع السياسية الحالية.
===================
(**). هذا ما ينقله رشيد الخيون في كتابه ( 100 عام من الإسلام السياسي بـ العراق) في الصفحات من 382-386.
(**). الشيخ حسين المؤيد: ولد في منطقة الكاظمية في بغداد عام 1965، هاجر إلى إيران 1982، ثم عاد إلى العراق بعد عام 2003، ثم غادر إلى الاردن، نزع العمامة بعد ذلك، وارتدى الشماغ السلفي المعروف، يقال بأنه تحول مذهبياً واعتنق السلفية السنية، عرف بمواقفه المتشددة ضد الأمريكان والقوى السياسية التي جاءت معه، فهو من المؤيدين للمقاومة السياسية والعسكرية للاحتلال، وضد السياسة الإيرانية في العراق، اتهم بأنه عميل للمخابرات العراقية عندما كان مقيم في طهران. يرجع نسبه إلى أسرة المؤيد في تعداده لأسر وعوائل منطقة الكاظمية المعروفة، فوالده هو الدكتور المعروف عبد القادر المؤيد ووالدته ابنة السيد محمد هادي الصدر من مشاهير أهالي الكاظمية وهو حفيد السيد حسن الصدر الذي هو من مشاهير الشيعة ومحققيهم في القرن الرابع عشر الهجري. يقيم حالياً في مدينة عمان ويقال بأنه له نشاط سياسي وإعلامي واسع. ولقد بدأ يفتي إلى سائليه من أهل السنّة، مؤكداً أنه أول مرجع يقوم بذلك، وأنه يفتي لهم وفق المذاهب الإسلامية وله مدرسة فقهية فريدة حيث أنه يلتزم الرأي الفقهي الذي يراه أقرب إلى الواقع والحقيقة من أي إتجاه فقهي سواء كان من المذاهب السنية أو الشيعة الإمامية أو الزيدية أو الأباضية متجاوزا بذلك الحواجز المذهبية التي تضيق الخناق على البحث العلمي.
(*). الشيخ محمد رضا النعماني، مرافق السيد محمد باقر الصدر وسكرتيره، صاحب كتاب (الشهيد الصدر سنوات المحنة وايام الحصار عرض لسيرته الذاتية ومسيرته)