يعد إصلاح القطاع المصرفي ركيزة أساسية في عملية الإصلاح الاقتصادي في ظل توجهات التنمية وأهدافها في العراق الجديد وبناء مستقبله الاقتصادي والاجتماعي المزدهر وانسجاما مع الأهداف الرامية إلى تحفيز التنمية وجذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمالي.
ويتمثل الإصلاح المصرفي في إنشاء نظام مصرفي قادر على حشد الموارد المالية وإعادة تخصيصها وتحسين كفاءتها لخدمة النشاط الاقتصادي من أجل تحقيق معدلات عالية ومستمرة في النمو الاقتصادي، وينصرف ذلك الإصلاح في تحديث وتقوية القطاع المصرفي من خلال إحداث تغيرات كبيرة في طبيعة الصناعة المصرفية وإعادة هيكلتها لغرض حشد المدخرات المحلية والحد من ظاهرة رأس المال المهاجر، إضافة إلى إمكانية جذب جزء من تدفقات الاستثمار الأجنبي. ولكي تكون إصلاحات الأنظمة المصرفية ناجعة، يجب أن تكون جزءا من استراتيجية أكثر شمولا للتغيير والإصلاح، والتي تتجسد في عملية تحرير هذا القطاع وذاك بمواكبة التطورات المصرفية العالمية التي تقوم أساسا على التحرر من القيود والعراقيل وإيجاد البيئة التشريعية الملائمة لها وزيادة حدة المنافسة بين المصارف واستعمال وسائل تكنولوجية متطورة للاتصالات والمعلومات، فضلا عن تطبيق مقررات بازل( ) بغية العمل ضمن المعايير الدولية للمصارف، مما يرفع قدرتها على المنافسة ضمن إطار العمل الدولي .أما أبرز ملامح الإصلاح المصرفي في العراق فيمكن إيجازها بالنقاط الآتية :
1- تشكيل هيئة عليا للإصلاح المصرفي في العراق تضم اللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء واللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب والبنك المركزي العراقي ومجموعة من المستشارين والخبراء الاقتصاديين والمصرفيين في القطاع الخاص تتولى وضع استراتيجية لمساهمة القطاع المصرفي العراقي في التنمية الاقتصادية وتحديد آليات الإصلاح( ) .
2- إيجاد بيئة تشريعية مصرفية تسمح بتطوير الجهاز المصرفي من خلال تشريع قانون جديد للمصارف ينسجم مع التطورات الحالية والمستقبلية المتعلقة بالجهاز المصرفي، وهذا ما ترنو إليه اللجنة المالية .
3- التوسع في استحداث قنوات التوزيع الالكترونية التي توفر الخدمات للعملاء في الوقت والمكان المناسبين لهم، من خلال زيادة توظيف التكنولوجيا المصرفية في هذا المجال.
4- تنويع منتجات وخدمات القطاع المصرفي وتطويرها وإيجاد المنتجات الجديدة التي تلبي جميع احتياجات العملاء في قطاعي الأفراد والمؤسسات .
5- بناء قاعدة واسعة من القيادات المؤهلة والمدربة القادرة على قيادة وإدارة المصارف في الاتجاهات التي تكفل نموها وتطويرها وتفاعلها مع التحولات والتطورات في الصناعة المصرفية الحديثة.
6- تطوير مراكز التدريب المصرفي بما يعمل على تطوير القابليات المصرفية، ويمكن لجميع المصارف الاستفادة من هذه المراكز التدريبية لبناء قدرات العاملين أو الراغبين في العمل في المصارف في كل من القطاعين العام أو الخاص.
7- تحفيز المصارف على إنشاء صناديق الاستثمار المشترك بهدف توسيع الفرص المتاحة أمامها لاستثمار ودائعها .
8- تشريع قانون للصيرفة الإسلامية، ذلك لأن قانون المصارف الحالي رقم 45 لسنة 2115 يخلو من أي إشارة إلى الصيرفة الإسلامية، مما قيدها بالضوابط الرقابية المفروضة على الصيرفة التقليدية.
9- العمل على جذب المصارف العالمية إلى السوق العراقية عن طريق فتح فروع لها في بغداد والمحافظات لأجل الاستفادة مما تقدمه هذه المصارف من خبرة وتكنولوجيا في العمل المصرفي.
10- تأسيس شركة لضمان الودائع في المصارف الخاصة، كذلك تأسيس شركة لضمان الائتمانات وإنشاء صندوق مركزي لتمويل المصارف الخاصة لتغطية تمويل المشاريع التنموية وفق شروط وضوابط خاصة بالمشاركة بين المصارف الحكومية والخاصة.
11- إعادة هيكلة القطاع المصرفي عن طريق تشجيع الاندماج بين المصارف وخاصة المصارف الصغيرة منها لإنشاء وحدات مصرفية كبيرة يمكنها تقديم خدمات مصرفية منوعة ومتكاملة بتكلفة تنافسية وإعطاء حرية لمصارف في مجال تحديد رسوم وتعرفه الخدمات المصرفية على أساس تنافسي فيما بينها حتى تتحسن جودة الخدمات المصرفية.
12- تفعيل دور المصارف الحكومية التخصصية )الصناعي والزراعي والعقاري ( وتحويل مهامها من مصارف شاملة إلى مصارف تخصصية على وفق الأهداف التي أنشأت من أجلها تسريع عملية التنمية .
13- تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية من أجل تحقيق المزيد من التكامل بين الاقتصاد والإصلاح على جميع المستويات من خلال تطبيق اتفاقيات بازل1( )والتركيز على استراتيجيات وسياسات إدارة المخاطر )مخاطر الائتمان - مخاطر السوق- مخاطر التشغيل( بالإضافة إلى باقي المخاطر المصرفية التي وردت في وثيقة بازل2 ( ) وهي )مخاطر السيولة ومخاطر الأنشطة المصرفية الالكترونية( والتي يجب على مصارفنا الالتزام بتطبيقها .
14- إعادة النظر بالنظام المحاسبي المصرفي لغرض تطويره بحيث يستوعب كافة الأعمال والخدمات المصرفية الحديثة. والعمل على إنشاء اتحاد يضم جميع المصارف الخاصة يتمثل بـ" اتحاد المصارف العراقية" مشابه لاتحاد المصارف العربية، يعمل على تطوير عمل المصارف الخاصة ويعبر عن وجهة نظر تلك المصارف ويقوم برط القطاع المصرفي الخاص بالقطاع المصرفي الدولي( ).
ختاما، من الضروري أن تتم عملية الإصلاح المصرفي بشكل تدريجي من خلال البدء في المصارف الحكومية وصولا إلى المصارف الخاصة مرورا بكل مكونات القطاع المالي والمصرفي من مؤسسات مالية غير مصرفية وعناصر السوق النقدية والمالية. وكذلك تأسيس معهد للتطوير المصرفي يعمل على تطوير القابليات المصرفية في العراق وتطوير الأبحاث والدراسات، ولجميع المصارف حق الاستفادة من المعهد لبناء قدرات للعاملين أو الراغبين في العمل في المصارف في كل من القطاع العام أو الخاص. ولاشك أن هذا المعهد سيعمل على توفير الكادر الضروري لتطوير الصناعة المصرفية من خلال إعادة صقل المهارات الموجودة حاليا واستحداث مهارات جديدة (من الجيل الجديد)، ويفضل أن يكون المعهد قطاعا مشتركا ويرفد بالكفاءات الداخلية والخارجية. كما يمكن الاستعانة بمركز الدراسات المصرفية التابعة للبنك المركزي، وبالكوادر العلمية المتخصصة من الأكاديميين في الجامعات العراقية للمساهمة في إنشاء وتطوير مثل هكذا مؤسسات.
2024-11-20 ,
45 , سياسة