يُعد تحليل سوات اداة مهمة في تقييم وضع الشركات ومن الممكن استخدامه في تحليل وضع الاقتصاد العراقي.
حيث يهتم تحليل سوات في معرفة نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات لأي شركة مما يعطي تصور واضح لكيفية رسم خارطة الطريق لمستقبل الشركة وتحسين اداءها.
في الوقت الذي تمثل نقاط القوة والضعف العوامل الذاتية لأي شركة او اقتصاد بحد ذاته، تمثل الفرص والتهديدات هي العوامل الموضوعية التي تعمل وسطها تلك الشركة الشركة او الاقتصاد.
معرفة نقاط القوة والضعف في الاقتصاد العراقي والفرص والتهديدات التي يتعرض لها، يعني تجاوز العشوائية ورسم خارطة طريق الاقتصاد بشكل اضح ليسير بانسيابية وسلاسة.
العوامل الذاتية(نقاط القوة والضعف)
نقاط القوة
الموارد طبيعية
يمتلك العراق موارد طبيعة كثيرة وكبيرة وأهما النفط والغاز، حيث يمتلك أكثر من 145 مليار برميل؛ جعلته يحتل مكانه مهمة في أسواق الطاقة الدولية.
الموقع الجغرافي
كما يتميز بموقعه الجغراقي بحكم توسطه الشرق الاوسط مما يمكن أن يكون مركزاً للتجارة والاستثمار وهذا ما يخدم الاقتصاد العراقي.
الطاقة الشبابية
كذلك تقع نسبة كبيرة من المجتمع العراقي في فئة الشباب التي تمثل حجر الزاوية في الاقتصاد، حيث تشكل نسبة الشباب(15- 34) ما نسبته 34% من السكان البالغ 41 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2021. حسب بيانات وزارة التخطيط.
ودادة المجتمع، ان المجتمع الودود يخدم الاقتصاد كثيراً عكس المجتمع العنصري، ونظراً لودادة المجتمع العراقي مع الأجنبي وخصوصاً المستهلك إذا ما حلّ ضيفاً، فان هذه الصفة تمثل نقطة جذب تنعكس على الاقتصاد العراقي بشكل ايجابي.
الارث الحضاري
يُعد العراق من أقدم الحضارات في العالم، وأهم الحضارات في تاريخه الحضارة السومرية والبابلية والاشورية، ومن أوائل اكتشاف الحرف والكتابة والقانون، مما يجعل العراق محط انظار السياحة الأثرية.
التنوع الثقافي
يتمتع العراق بتنوع ثقافي كبير، على المستوى الديني واللغوي والعرقي والفن والادب وغيرها، هذا التنوع يمثل عنصر قوة وليس ضعف إذا ما أُحسنت إدارته، لان كل ثقافة ستكون مصدر جذب بحد ذاته سواء لاتباعها او لغيرهم لغرض الدراسة والاستكشاف والسياحة.
نقاط الضعف
ضبابية الرؤية
بعد 2003 لم تتشكل رؤية اقتصادية واضحة، ففي الوقت الذي اعلنت الدولة التوجه نحو اقتصاد السوق وتنمية القطاع الخاص ظلت الدولة تقود الاقتصاد من خلال سيطرتها على النفط وادراتها البيروقراطية التي لم تحفز القطاع الخاص على الانطلاق وأخذ دوراً مهماً في الاقتصاد وظل يراوح مكانه أو يقوم بدور هامشي.
احادية الاقتصاد
في ظل هيمنة الدولة على النفط هيمن الأخير على الاقتصاد مما أسهم في أهمال القطاعات الأخرى وتوظيف الجزء الاكبر من النفط في الجوانب الاستهلاكية لا الاستثمارية والنتيجة استمرار احادية الاقتصاد خصوصاً في ظل ضعف المؤسسات وانتشار الفساد.
ضعف المؤسسات
في العادة المؤسسات القوية هي المؤسسات المستقلة التي لاتخضع للضغوط فتكون قادرة على تحقيق اهدافها بشكل مهني واضح، ونظراً للضغوط التي تتعرض لها المؤسسات في العراق مما يعني فقدان استقلاليتها وعدم قدرتها على تحقيق اهدافها بشكل واضح، والشواهد كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر عدم محاسبة كبار الفاسدين وبالخصوص من كان وراء سقوط الموصل.
انتشار الفساد
لم يُسهم الفساد في تحسين اداء الاقتصاد بقدر ما يسهم في تخلفه، لان الفساد يعني تضخم التكاليف وانخفاض الارباح وهذا ما لا يشجع المستثمرين على الاستثماروالنتيجة تعثر اداء الاقتصاد.
ضعف البنية التحتية
ان عدم وجود بنية تحتية متطورة يعني عدم تقديم الخدمة بنوعية جيدة وبكلفة معقولة وبوقت سريع والنتيجة ارتفاع تكاليف الانتاج وانخفاض الارباح وهذا ما يقلل من حافزية الانتاج.
العوامل الموضوعية( الفرص والتهديدات)
الفرص المتاحة
النفط
سابقاً كان العالم يعتمد على الفحم بنسبة كبيرة، ولاسباب اقتصادية وبيئية اخذ يعتمد على النفط بشكل كبير، وللاسباب ذاتها سيعتمد على الطاقة النظيفة والمتجددة في المستقبل وتقل أهميته، ونظراً لامتلاك العراق كميات كبيرة منه ويحتل أهمية كبيرة في الوقت الحالي لذلك يعد وجود النفط بالنسبة للعراق فرصة لاتتكرر لابد من استثمارها في الاتجاهات المناسبة.
الاستثمار الاجنبي
بدأ الاستثمار الاجنبي يأخذ دوراً كبيراً في الاقتصاد العالمي منذ تسعينيات القرن الماضي تزمناً مع انتهاء الاتحاد السوفيتي وبدء العولمة، لان الاخيرة تدعو لازالة الحدود وتحرير الاقتصاد من سيطرة الدولة مما يعني اطلاق الحرية لرؤوس الاموال والاستثمارات في الانتقال من دولة لاخرى.
كما وان سيطرة الدولة على الاقتصاد قبل 2003 لم تسمح بالاستثمار الاجنبي كما هو الحال بعد 2003، لذلك فالتحول الخارجي والداخلي اسهم في الانتقال الحر للاستثمار الاجنبي الذي يتطلب تهيئة البيئة المناسبة لجذبه.
العلاقات الدبلوماسية
يمتلك العراق علاقات دبلوماسية جيدة نوعاً ما مع دول العالم، يمكن استثمار هذه العلاقات في اعادة بناء الاقتصاد من خلال عقد الاتفاقيات والشراكات في التجارة والاسثمار والعمل وفي مختلف القطاعات الاقتصادية.
التهديدات
تقلب اسعار النفط
نظراً لاعتماد الاقتصاد العراقي على النفط بشكل كبير، وتذبذب اسعار النفط عالمياً، لذلك فإن التذبذب الذي يحصل في الاسواق النفطية العالمية تنعكس مباشرة على الاقتصاد العراقي سلباً وايجاباً ويصبح الاقتصاد فاقداً للاستقرار.
التغير البيئي
يؤثر التغير المناخي على العراق من ناحيتين:
الاولى، ان التغير البيئي دفع بالعالم للبحث عن بدائل للنفط باعتبار انه مسؤول عن تلوث البيئة ما يعني ان العالم سيتخلى عن النفط وهذا ما يمثل تحدي كبير أمام الاقتصادات النفطية بشكل عام والاقتصاد العراقي بشكل خاص وذلك لفرط اعتماده على النفط.
الثانية، ان التغير المناخي أدى الى انخفاض مناسيب المياه وهذا ما يؤثر سلباً على القطاع الزراعي مما يؤدي وأدى الى ترك المزارعين لاراضيهم واللجوء للمدينة بحثاً عن فرص العمل وهذا ما يزيد من سوء الخدمات التي تعاني بالاساس من التردي.
بمعنى ان التغير المناخي يمثل تهديد حقيقي للاقتصاد العراقي لابد من اخذ التدابير اللازمة للحد منه.
الصراعات الداخلية
ان عدم وجود رؤية موحدة للبناء لدى ساسة مكونات المجتمع العراقي، دفع لانبثاق الصراعات فيما بينهم، هذه الصراعات تشتد تارة وتخف تارةً أخرى، حسب المصالح والمواقف، فهي تعطي صورة قاتمة عن الاقتصاد بمعنى انه يعمل في بيئة غير مؤاتية سرعان ماتنزلق فيه الامور نحو الاسوء.
التوترات الاقليمية
يعمل الاقتصاد العراقي في بيئة اقليمية غير مستقرة، وخصوصاً في الوقت الحاضر؛ حيث الحرب على غزة كرد فعل على هجوم حماس؛ والمناوشات بين اسرائيل وحزب الله اللبناني، والعمليات التي يشنها الحوثيون على البحر الاحمر، والضربات الامريكية على ايران وسوريا، والتركية على شمال العراق وغيرها، هذه التوترات تنعكس بشكل وآخر على المنطقة والعراق.
التوترات الدولية
كما تترك التوترات الدولية أثرها على الساحة الاقليمية والوطنية، فتوتر العلاقة بين امريكا وروسيا والصين تترك أثرها على اوكرانيا وايران وتايوان وغيرها ومن ثم على الاقتصاد العالمي برمته، وتأثر العراق بشكل مباشر كونه يعتمد على العالم مالياً وتجارياً.
عموماً اتضح مما سبق كما يعاني العراق من نقاط ضعف ذاتية يمتلك عناصر قوة ذاتية يمكن استثمارها للتغلب على نقاط الضعف، وكما ان هناك تهديدات ومخاطر محتملة هناك فرص متاحة يمكن استثمارها لتجنب تلك التهديدات والمخاطر.
بمعنى ان معرفة العوامل الذاتية والموضوعية تمثل حجر الزاوية عند رسم خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد العراقي وان أي تغافل لها يعني ضمان فشل خارطة الطريق ومستقبل الاقتصاد.
ان رسم خارطة طريق واضحة المعالم مرهونة بادارة حكيمة لديها رؤية واضحة وقدرة عالية على تعبئة المجتمع نحو تحقيق تلك الرؤية.