قرر تحالف "أوبك+" مطلع شهر حزيران زيادة كمية الانتاج بمقدار (648) ألف برميل يومياً بدءا من شهر تموز القادم، والكمية ذاتها في شهر اب القادم، وهو ما يتخطى الزيادات الشهرية السابقة، البالغة (432) ألف برميل يومياً بقرابة (50%). جاء ذلك في أعقاب الاجتماع الوزاري الـ29 للتحالف، الذي ضم الأعضاء الـ13 في "منظمة الدول المصدرة للنفط" "أوبك" بقيادة السعودية، والدول العشر المتحالفة معها، ومن بينها روسيا. وتعد هذه الخطوة تحولا مثيرا لموقف اوبك السابق بعدم الاستجابة لضغوط رفع الامدادات، فقد اكدت المنظمة مرارا بان سوق النفط متوازنة وأن الزيادات الأخيرة في الأسعار لا تتعلق بالعوامل الأساسية، ولا ترتبط بخلل فني في سوق الإمدادات، بل يعود ارتفاع الاسعار اساسا الى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في أوروبا الشرقية، والمخاوف من حدوث شح كبير في إمدادات النفط وسط مخاوف من استمرار الحرب وفرض عقوبات جديدة على النفط الروسي. ويمكن اجمال الاسباب التي دفعت تحالف اوبك+ الى تغيير موازين الانتاج الى ما يلي:
1- تأكيد تحالف اوبك+ على أهمية وجود أسواق مستقرة ومتوازنة للنفط الخام والمنتجات المكررة، خصوصا مع إنهاء عمليات الإغلاق الناجمة عن كورونا في المراكز الاقتصادية العالمية الرئيسة، والتوقعات بزيادة استهلاك المصافي العالمية بعد الصيانة الموسمية.
2- تزامن القرار مع اعتماد دول الاتحاد الأوروبي حظراً جزئياً على النفط الروسي، في محاولة لتعويض انخفاض إنتاج روسيا النفطي، الذي تراجع نتيجة العقوبات الغربية، بما يقارب (2-3) مليون برميل يومياً.
3- نمو الطلب العالمي على النفط بقرابة (3.36) مليون برميل هذا العام وفقا لحسابات اوبك، في حين حددت المنظمة نمو المعروض النفطي من خارج اوبك بقرابة (2.4) مليون برميل هذا العام. مما يبرر لتحالف اوبك رفع سقوف الانتاج حفاظا على ميزان العرض والطلب واستقرار الاسعار في اسواق الطاقة العالمية.
4- ظهور مسح لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يؤكد تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي، وتجدد مخاوف بعض الخبراء بشأن ركود الاقتصاد العالمي نتيجة لتداعيات الحرب الروسية الاوكرانية وارتفاع اسعار الطاقة ورفع اسعار الفائدة من قبل العديد من البنوك المركزية في العالم.
5- زيادة التوقعات بعودة انتعاش الطلب الصيني على النفط مع انخفاض حالات الإصابة اليومية (بكوفيد -19)، فقد خففت الصين العديد من القيود المفروضة لمواجهة كورونا الأسبوع الماضي، وتعهدت الحكومة الصينية بتقديم دعم واسع النطاق لتحفيز اقتصاد البلاد، والذي من المتوقع أن يستهدف قطاعات الوقود عالية الكثافة مثل البنية التحتية وتشييد العقارات.
6- تراجع مخزونات الخام الأميركية بنحو (76) مليون برميل منذ بداية عام 2021 ونحو (19) مليون برميل منذ بداية 2020، وفقاً لبيانات معهد البترول الأميركي. وقد أظهرت بيانات حكومية يوم الخميس الماضي انخفاض مخزونات النفط والبنزين الأميركية أكثر بكثير من المتوقع، وبحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، انخفضت المخزونات بمقدار (5.1) مليون برميل ليصل الإجمالي إلى (414.7) مليون برميل.
7- قرار التحالف يأتي بعد ضغوط متواصلة منذ أشهر من قبل كبار المستهلكين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. اذ تضغط دول مستهلكة كبرى بقيادة الولايات المتحدة على التحالف لتعزيز الإنتاج بوتيرة أسرع من أجل السيطرة على الارتفاع المتسارع لأسعار الطاقة على المستوى العالمي، خصوصاً مع فرض عقوبات غربية على الإنتاج الروسي. وطالبت الدول الغربية التي تواجه معدلات تضخم قياسية تهدد النمو الاقتصادي من المنظمة رفع سقوف الانتاج لتهدئة الاسواق والحفاظ على معدلات النمو والاستقرار الاقتصادي.