تقرير تخصصي
أعده مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية من خلال استطلاع آراء نخبة من الخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي
توطئة
أتجه العراق بعد عام 2003 صوب اقتصاد السوق بعد إن كان يتبع التخطيط الاقتصادي ويبدو من خلال الواقع إن اقتصاد السوق شهد تعثراً واضحاً انعكس سلباً على الواقع الاجتماعي.
وذلك بحكم انسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي مع استمرار امتلاكها لكثير من عناصر الإنتاج وشيوع الفساد في أغلب مفاصل الدولة مما يعني صعوبة بيئة الأعمال وكبح القطاع الخاص عن ممارسة نشاطه الاقتصادي بانسيابية.
كما إن هيمنة الدولة على النفط بالتزامن مع سوء توظيفه وإدارته دفعا إلى إضعاف الاقتصاد لان الدولة جعلت النفط، الذي يتصف بأنه صناعة كثيفة رأس المال وأسعاره وإيراداته متذبذبة؛ المحرك الرئيس في الاقتصاد دون استثماره بما يحقق التنويع الاقتصادي، فأصبح الاقتصاد العراقي أحادي الجانب وتابعاً ومتذبذباً.
تزامن مع ذلك الضغوطات السكانية التي شهدها العراق، حيث نمى عدد السكان بنسبة 53% من 26.3 مليون نسمة في عام 2004 إلى ما يُقدر بنحو 40.2 مليون نسمة عام2020، إلى جانب توالي الأزمات الداخلية والخارجية، كالصراع الطائفي2006 /2007 وألازمه المالية العالمية 2007/2008 وأزمة داعش والنفط 2014 وأخيراً الأزمة الثلاثية السياسة – الاقتصادية – الصحية(كورونا) 2019/2020.
إن زيادة عدد السكان وإطّلاعهم على التطور العالمي بفعل الانفتاح وثورة المعلومات مقابل عدم تلبية حاجاتهم مما يعني ضعف الاقتصاد بشكل خاص والإدارة السياسية بشكل عام، هذا ما دفع بالمجتمع إلى احتجاجات تشرين وإجبار رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي؛ على الاستقالة والمجيء بالحكومة الحالية الانتقالية، حكومة السيد الكاظمي؛ التي طرحت الورقة البيضاء كخارطة طريق للإصلاح الاقتصادي.
حيث تسعى الورقة البيضاء إلى تحقيق هدفين استراتيجيين أساسيين: الأول: الشروع في برنامج إصلاح جذري وفوري لوقف نزيف وعجز الموازنة لتوفير المساحة المالية والزمنية الكفاية لتنفيذ الإصلاح على المدى المتوسط. الثاني: وضع الاقتصاد والموازنة على مسار مستدام، يمثل المسار المشترك لخيارات المستقبل. وبهذا تستهدف الورقة البيضاء وصف العلاجات الضرورية العاجلة لتطبيقها فوراً وعلى المدى المتوسط (3-5 سنوات).
ونظراً للوظيفة الرئيسية للحكومة الحالية المتمثلة بإجراء الانتخابات من جانب وإن تطبيق الورقة البيضاء يتطلب وقتاً طويلاً لتحقيقه من جانب آخر، فإن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن تحقيقه بأي شكل من الأشكال خلال المدة المتبقية للحكومة الحالية.
لذلك يمكن القول، إن الحكومة الحالية وضعت حجر الأساس وخارطة طريق الإصلاح الاقتصادي من خلال الورقة البيضاء للحكومات اللاحقة لتكون مهمتها إكمال ما بدأت به الحكومة الحالية وتنفيذ ما جاء في الورقة البيضاء، وهذا ما يستلزم توافر إطار سياسي وتشريعي يلزم الحكومات اللاحقة من إكمال تنفيذ ما جاء في الورقة خصوصاً إذا ما علمنا إن الورقة لم تناقش بعد في البرلمان.
وينبغي ألا ننسى، إن العالم في الوقت الحاضر أكثر انفتاحا وترابطاً من أي وقت مضى، وما يطرأ في العالم ينعكس على البلد بشكل تلقائي، مما يستلزم أخذ الظروف الإقليمية والدولية بعين الاعتبار عند تصميم الإصلاح وتنفيذه لضمان سير الإصلاح بالشكل المرسوم، وهنا يبرز السؤال، هل السلطة التنفيذية والتشريعية تأخذ الظروف الإقليمية والدولية بعين الاعتبار عند رسمها للخطط الإصلاحية والورقة البيضاء على رأسها؟
ومن باب الشعور بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية والوطنية أخذ مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية على عاتقه مناقشة الورقة البيضاء مع الخبراء والمختصين عبر السؤالين المطروحين أدناه، لتكون ورقة إصلاحية جاهزة للتطبيق من قبل الحكومة العراقية.
السؤال الأول:
ما تقييمك للورقة البيضاء اقتصادياً من حيث نقاط القوة والضعف؟ وكيفية الحفاظ على نقاط القوة وتقليص نقاط الضعف؟
مداخلات الخبراء:
- الأستاذ الدكتور فلاح حسن ثويني -كلية الإدارة والاقتصاد – الجامعة المستنصرية.
إن وضع أي برنامج اقتصادي وفق شروطه هو أن يتم تحديد أبعاده الزمنية أي مراحل التنفيذ والجهات المسؤولة عنه، وإذا لن تتوفر هذه البديهية في البرنامج الحكومي الاقتصادي، فهي إعلان أولي لعدم نجاحه، باختصار شديد.
نعتقد إن برنامج الحكومة (الورقة البيضاء) فيه من نقاط القوة الكثير، وبالتأكيد لا يخلو من نقاط الضعف فهو لا يختلف كثيراً عن المحاور التي جاءت بها البرامج الحكومية للدورات الوزارية السابقة.
ولكن الأهم هو، متى نعرف إن هذه النقطة تمثل نقطة قوة، والنقطة الأخرى تمثل نقطة ضعف حتى يتم علاجها؟ والجواب على ذلك، مفتاحه، في التساؤل الثاني.
-الدكتور احمد جاسم محمد/ أستاذ سياسات الإصلاح الاقتصادي/ عميد كلية الإدارة والاقتصاد – القرنة جامعة البصرة.
يتلخص جوهر الورقة في الآتي: جعل النفقات المحلية متلائمة مع المتاح من الموارد المحلية، من خلال إيجاد توليفة من السياسات المالية والنقدية و التجارية و سعر الصرف لضمان وجود طلب كلي ينسجم مع تركيبة العرض الكلي وباعتماد إجراءات تعمل على تحفيز القطاعات المنتجة للسلع و الخدمات (أي حزمة سياسات الإصلاح الاقتصادي).
أولا: اعتقد بان الورقة البيضاء يشوبها الكثير من الأخطاء و خاصة المدخل أو الإيديولوجية المعتمدة في معالجة الاختلالات في الاقتصاد العراقي ، فالورقة هي بمثابة التقرير النهائي لخلية الطوارئ للإصلاح المالي .
و هذا مدخل خاطئ، طالما المدخل المستخدم لمعالجة المشاكل خاطئ ، هذا يعني بأن المعالجات لن تكون صحيحة. و مشكلتنا ليست طارئة بل تمتد جذورها إلى بدايات الاعتماد على إنتاج و تصدير النفط الخام و إهمال القطاعات المنتجة .
في حالة الاقتصاد العراقي العجز المالي هو بسبب عدم تنوع مصادر الإيرادات ، و هذا يتطلب مدخل آخر للإصلاح يعتمد على اقتصاديات جانب العرض .
ثانيا: لم توضح الورقة آليات العمل لتحقيق أهدافها وخير مثال على ذلك كيف سيتم تقليص العجز في الموازنة من 20% إلى 3% . أي عصا سحرية سوف تستخدم.
ثالثا: مع الأسف أربعين خبير اقتصادي لم يتمكنوا من فحص الاقتصاد العراقي بنظرة شاملة و أهملوا الكثير من جوانب الاقتصاد و كأنه قطاعات الاقتصاد العراقي تعمل بمعزل عن القطاعات الأخرى و يبدوا أنهم تناسوا بان الاقتصاد يعمل كوحدة أو نظام متكامل .
رابعا :- في المحور الأول الفقرة ثالثا يدور الحديث عن إصلاح أنظمة الإدارة المالية ، لا اعلم كيف يتم ذلك و في الصفحة 9 الهامش 3 يذكر عدم توفر البيانات . إذا عجزت لجنة من 40 خبير و عدة وزراء و بوجود رئيس الوزراء في الحصول على البيانات؟! أيعقل بان يكونوا قادرين على إصلاح أنظمة الإدارة المالية في ظل الفساد المستشري الذي وجلت الورقة أن تتطرق له!!
خامسا :- المحور الخامس لو تم التركيز عليه بجدية سوف نضع أقدامنا في الاتجاه الصحيح في مسار الإصلاح الاقتصادي بالاعتماد على القدرات الوطنية بديلا عن الاعتماد على الوصفات الجاهزة للمؤسسات الدولية التي وضعت نظريات لا يمكن تطبيقها في اقتصادنا المحلي الذي له مواصفات مختلفة عن تلك الموجودة في البلدان الأخرى .
سادسا :- أي برنامج إصلاح يتطلب ضمان المشاركة الجماهيرية ، لكن بالنسبة للشعب العراقي هناك اتساع في فجوة الثقة مع الحكومات و الشعب ، الأمر الذي يجعل من الصعب تنفيذ أي خطوات إصلاحية جريئة على حساب الشعب ، و أي برنامج يعني المساس بالمواطن سوف يواجه رفض قاطع أولا من السياسيين و الأحزاب و من الجمهور ثانيا .
-الأستاذ المساعد الدكتور حسين احمد السرحان/رئيس قسم الدراسات السياسية-مركز الدراسات الإستراتيجية-وباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الستراتيجية.
الورقة البيضاء للإصلاح المالي تعد وثيقة حكومية تتضمن خطة للإصلاح المالي في العراق في المديين المتوسط والبعيد. قدمتها الحكومة لمجلس النواب وفقا لما جاء بقانون الاقتراض الذي وافق عليه مجلس النواب في حزيران الماضي. ما جاء في الورقة لا يعد شيء جديد كليا، إذ كثير منها تضمنته إستراتيجية التنمية 2018-2022 وكذلك استراتيجية تطوير القطاع الخاص2014-2030.
أبرز نقاط الضعف هو ضعف البيانات الحكومية عن مؤشرات اقتصادية مهمة وضعف البيانات في مجال التوظيف كما في عدد موظفي الشركات العامة. كذلك لم تشير الورقة إلى ملف الدين العام وكيفية مواجهته، ولا سيما الدين الخارجي والاقتراض الخارجي، كما لم تتضمن الورقة مبالغ واضحة ورسمية للدين العام. والورقة اعتمدت مؤشرات وبيانات لمنظمات ومؤسسات اقتصادية دولية كصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي. وهذا يؤشر ضرورة تفعيل الدوائر الإحصائية لجهودها بشكل اكبر لتكون بوابة للمعلومات والبيانات. كذلك لم تتضمن الورقة كيفية تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الخارجية.
وبالرغم من ذلك تتضمن الورقة ايجابيات عدة منها الإشارة إلى تعديل الكثير من القوانين المتعلقة بالسياسات الاقتصادية والتنظيمية للاقتصاد العراقي وصلت إلى أكثر من 400 قانون ونظام ولائحة. وهذا مؤشر جيد وأساس مهم لسياسات اقتصادية تنموية. إذ توافر اطر تشريعية ومتناسقة ومتكاملة أمر مهم يقود إلى تناسق مؤسساتي وادوار تكاملية. من جانب آخر أشارت الورقة إلى إصلاحات وأفكار إجرائية فيما يتعلق بكل السياسات الاقتصادية (النقدية، والمالية والتجارية). كذلك لابد من الإشارة إلى أن الورقة أقرت خط عام للنهج الاقتصادي ليكون وفق سياسات اقتصاد السوق.
تفعيل النقاط الايجابية تحتاج إلى متابعة تنفيذ بشكل مشترك بين مجلس النواب والحكومة والجهات الرقابية. والاهم من ذلك، لابد أن تحظى الورقة بدعم قادة القوى السياسية وان تولد لديهم قناعة بضرورة الإصلاح الاقتصادي عبر بوابة السياسية المالية، لتنعكس تلك القناعة إيجابا على أداء مجلس النواب لتحظى التشريعات المطلوبة في الورقة بدعم المجلس لمناقشتها وإقرارها بالسرعة الممكنة.
-الباحثة نجلة شمعون شليمون ماجستير اقتصاد كلي وسياسة نقدية ورئيس أبحاث في البنك المركزي العراقي
تعد الورقة البيضاء برنامج إصلاح جذري لوقف نزيف عجز الموازنة جراء الاعتماد الكامل على النفط مع عدم تنويع مصادر الدخل. وتضمنت الورقة العديد من الأفكار التي تم طرحها سابقاً إلا أن ما يميزها أنها ركزت على إصلاح مالية الحكومية والإدارة المالية، ولعل البعض يرى إنها يمكن أن تحتوي تدابير قاسية في الوقت الراهن إلا انه من الممكن إذا تم تطبيقها فعلاً وفق جدول زمني تجعل من الممكن أن يتحول العراق في المستقبل من دولة ريعية تعتمد على واردات النفط إلى بلد يصدر إنتاجه الزراعي والصناعي ويفتح أبوابه للاستثمار.
اهم نقاط الضعف على ما جاء في الورقة البيضاء
• أن الورقة من الجانب النظري جيدة جدا لكن من الجانب العملي تحتاج إلى تشريع عدد من القوانين، وإعادة رسم جميع مفاصل الدولة وكذلك تحتاج إلى مؤسسات لمتابعتها، فضلاً عن خلوها من التوقيتات المحددة لانجاز وتطبيق خطتها المرسوم لها من قبل الحكومة.
• لا يمكن إجراء إصلاحات بدون قاعدة بيانات وطنية إذ إن منح المواطنين رقما وطنيا يميز كل واحد منهم سيمنح العراق قاعدة بيانات حقيقية لمواطنيه تغني عن تطبيق تعداد عام للسكان لأغراض إحصائية، وبالتالي ستحدد نسب المحافظات في الموازنة بشكل دقيق دون أي غبن.
• لم تتبنى الورقة البيضاء اعتماد إستراتيجية لإصلاح الموازنة العامة من خلال السعي بتحويلها من موازنة بنود إلى موازنة برامج وأداء.
• لم يتم التطرق إلى الاستفادة أو دراسة إمكانية تطبيق أي نموذج ممكن العمل عليه لتحقيق التنمية المستدامة كما هو موجود في بعض الدول التي يعد اقتصادها قريباً نوعا ما من الاقتصاد العراقي.
• من المتعارف عن أسعار النفط إنها تتغير بشكل مفاجئ نتيجة عدة عوامل أهمها العرض والطلب بالإضافة إلى الأوضاع السياسية العالمية وكذلك الظروف المناخية والأوضاع الأمنية للدول المصدرة والمستوردة للنفط على السواء، كل ذلك يجعل من واردات العراق عرضة للتغير من وقت لأخر، خصوصاً إن العراق يعتمد على تقدير إيراداته للسنة المالية المقبلة بالاعتماد على تقدير أسعار النفط، وهذا بحد ذاته يعارض قيام إصلاحات في البنى التحتية التي تحتاج إلى رصد راس مال كبير خلال فترة معينة. كما إن ارتفاع المديونية الخارجية للعراق في السنوات الأخيرة جعل العراق أمام التزامات إضافية تضاف إلى سد النفقات الجارية والاستثمارية وتسديد الديون الخارجية مما يمكن أن يكون عقبة في تمويل إصلاحات الورقة من خلال الاقتراض الخارجي.
• إن ترشيد النفقات تشير إلى (تخفيض نسبة فاتورة الرواتب والأجور من الناتج المحلي الإجمالي من (25%) إلى (12.5%) خلال ثلاث سنوات، وهذا بدوره يتناقض مع تصريحات رئيس مجلس الوزراء (مصطفى الكاظمي) فيما يخص “مبادرة منصة التوظيف لمعالجة البطالة في العراق.
• إن استيفاء مبلغ مقطوع من المواطن المتجاوز على الشبكة الوطنية لا يعد حلاً ناجعاً وفاعلاً حيث انه سيكون مبرراً لاستمرار التجاوز على الشبكة وإلحاق الضرر بالمناطق التي يتم التجاوز عليها بسبب زيادة الأحمال وبالتالي تكرر عطل المحولات وبقاء المواطن غير المتجاوز في دوامة الانقطاع المستمر نتيجة زيادة الأحمال على الشبكة المتهالكة اساساً.
• تحسين قدرة البلد على تجهيز الكهرباء عند القيام بعمليات صيانة لمحطات الإنتاج الخاصة به بدلاً من الربط الكهربائي مع دول الجوار الذي يثقل ميزانية الدولة بمبالغ كبيرة ويبقي البلد تحت ضغط الدولة المانحة للطاقة والعمل بشكل جاد وحثيث على استكمال المحطات التي تلكأ العمل بها.
• وفيما يخص بـ (تشكيل فريق لمراجعة العقود لجميع الدوائر الحكومية التي توجد فيها قرارات تحكيم دولية)، توجد تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (1) لسنة 2008 من وزير التخطيط (تعليمات لتنفيذ هذا الأمر) (فض المنازعات) قبل التعاقد.
-الدكتورة إيمان عبد الرحيم كاظم الحسيني باحث اقتصادي أقدم في البنك المركزي العراقي.
تعد الورقة البيضاء مشروع حل لازمة إدارة الاقتصاد المزمنة والاعتماد الكامل على النفط مع عدم تنويع مصادر الدخل. ويمكن أن يعيد تعريف النظام الاقتصادي للدولة والانتقال إلى نظام السوق. كما تضمنت الورقة العديد من الأفكار التي تم طرحها سابقاً إلا أن ما يميزها إنها ركزت على إصلاح مالية الحكومية والإدارة المالية، ولعل البعض يرى أنها يمكن أن تحتوي تدابير قاسية في الوقت الراهن إلا انه من الممكن إذا تم تطبيقها تفتح آفاق جديد وفرص عمل للمواطن العراقي على المدى المتوسط والبعيد. وفيما يأتي بعض الملاحظات التي وردت على ما تم طرحه في الورقة:
• الصفحة (51) الفقرة (هــ) (إنشاء نظام دعم قائم على أساس الأداء والجدارة للمؤسسات المملوكة للدولة والمؤسسات الإدارية، وخفض الدعم المالي للشركات العامة بنسبة (30%) كل عام لمدة ثلاث سنوات).
أن خفض الدعم المالي للشركات المملوكة للدول في ظل عدم توفر سياسة لحماية المنتج الوطني سوف يؤدي إلى خسارة هذه الشركات فضلا عن إنها يمكن أن يتم تخصيصها على أنها شركة خاسرة، ولعل من الأفضل في بادئ الأمر مساعدتها فنيا وفتح الأسواق المحلية والدولية لها من خلال عقد الاتفاقيات حتى تصل إلى مرحلة رفع الدعم عنها.
• الفقرة (هــ) (إصدار سندات وصكوك وطنية، وعرضها للتداول العام في سوق العراق للأوراق المالية، بالتنسيق مع البنك المركزي).
إن السندات والصكوك الوطنية هي ديون وليست تعظيم للإيرادات وتستخدم عندما لا تغطي الإيرادات النفقات لتغطية عجز الموازنة، وان هذه السندات تترتب عليها التزامات وفوائد لابد من دفعها، في الوقت الذي أعدت ورقة الإصلاحات فيه لإصلاح الوضع الاقتصادي والتي من المؤمل أن تؤدي إلى تنويع الإيرادات وتعظيمها من خلال الإنتاج الفعلي وليس الديون.
• الفقرة (ج) ص 53 (مواءمة الرواتب والمخصصات الحكومية وفق المعايير الدولية، ومراجعة الدرجات على نحو منسجم وعقلاني، وتطوير وإنشاء هدف مالي متوسط الأمد لأجور ورواتب القطاع العام).
هذه الفقرة ضبابية وغير واضحة.
• الفقرة (هـــ) ص (53) (الإسراع بتعديل قانون وزارة المالية بما يضمن تحديثها وإعادة هيكلتها على وفق أحدث المعايير الدولية، وإجراء تقييم لوظائفها ومسؤولياتها بهدف جعلها الجهة التنفيذية الوحيدة المعنية بتطبيق السياسة المالية، وتأسيس وتنفيذ ومراقبة نظام الإدارة المالية العامة (PFM)، بحيث تتحمل الوزارة المسؤولية كاملة في تنفيذه ومراقبه أدائه.
هذه الفقرة تبين إن هناك جهات أخرى معنية بتطبيق السياسة المالية غير وزارة المالية، ومن المعلوم إن وزارة المالية هي الجهة الوحيد في العراق المسؤولة عن السياسة المالية.
• الصفحة (59) الفقرة (ج) سوق العراق للأوراق المالية.
لم يتم ذكر فتح فروع لسوق العراق للأوراق المالية في المحافظات ليشمل شريحة أكبر في التعامل به كونه يعد أحد أدوات تعبئة المدخرات ولاسيما من قبل الأفراد ذات الدخول المتوسطة فضلا عن عدم التركيز على التطوير الالكتروني لهذه السوق لسهولة وصول الأفراد لها. وتم ذكر أسواق تخصصية أخرى، مثل سوق السلع وسوق تداول العملات (الفوركس).
• في الصفحة (59) الفقرة (ج) سوق العراق للأوراق المالية.
تم التركيز على جانب الشركات ولم يتم التركيز على جانب جذب المواطنين لهذه السوق للاستثمار في تلك الشركات.
• الصفحة (66) وردت فقرة (قيام وزارة المالية بإصدار سندات دعم الاقتصاد العراقي، بالدولار والدينار، وبقيمة (5) ترليون دينار، قابلة للزيادة).
هذه الفقرة عامة وذكرت سابقا في الصفحة (50) محور زيادة الإيرادات وتحسين التدفق النقدي وكان من الأفضل إضافة عبارة (لدعم القطاع الخاص) كونها وردت في محور القطاع الخاص.
-إيهاب علي داود/دكتوراه علوم اقتصادية.
أعتقد توجد العديد من النقاط الإيجابية في ورقة الإصلاح الاقتصادي والتي من الممكن تحقيق بعض من أهدافها والتي تتعلق بالجوانب التنظيمية أو التي يمكن أن تكون أهداف تكتيكية سريعة والتي أهمها حلحلة الفساد عبر تفكيكه إلى قطع صغيرة من اجل القضاء عليه والبداية تكون من خلال حل مشاكل الروتين الإداري وإتباع نظم الاتمتة والحوكمة يتبع ذلك أهداف أخرى الأولى منها تتعلق بالجانب التجاري عبر فرض السيطرة على المنافذ الكمركية واعتماد الاتمتة والسيطرة النوعية والحد من التهريب وتنظيم مسألة الاستيراد مع ما يتناسب والوضع الاقتصادي للبلد ووضع أشخاص مختصين كفوئين في إدارة هذا الملف أما في الجانب المالي فيتضمن ذلك معالجة الاختلافات والاختلالات في توزيع رواتب الموظفين عبر إيقاف رواتب مزدوجي الرواتب والفضائيين والمخصصات العالية لبعض الشرائح عبر وضع سلم رواتب عادل لجميع العراقيين.. فضلا عن إيقاف الهدر في النفقات العامة وتوجيها نحو القنوات الضرورية وكذلك أيضا عمل إصلاحات مالية سريعة تتمثل في تحصيل مستحقات الدولة عبر إصلاح قوانين الجباية بالشكل الذي يعطي مرونة وعدالة وتشجيع في استحصال هذه المستحقات. أما الجانب المصرفي فيجب إصلاح بعض لوائح وقوانين الجهاز المصرفي المتعلقة باستنزاف العملة الأجنبية والتهريب وغسيل الأموال بالإضافة إلى توجيه المنح والقروض نحو القنوات الإنتاجية الاستثمارية وعبر شروط تشجيعية تحفيزية واعتماد النظم الالكترونية في عمل الجهاز المصرفي سيما موضوع مزاد العملة. إن القصد من ذلك أن ثمة أهداف يمكن تحقيقها تتمثل في جوانب تنظيمية وتشريعية لا تحتاج إلى سقف زمني طويل من شأنها أن تؤتي ثمارها ضمن الفترة القصيرة.
-ساري حامد علي/مدرس اقتصاد.
الورقة البيضاء ورقة خطوط عريضة أو بالأحرى أساسيات لمعالجة الوضع الاقتصادي الراهن الذي يمر به العراق. أما الوضع الاقتصادي فلا يمكن معالجته اقتصادياً فقط ما لم يُعالج سياسياً وإدارياً وامنياً وأخلاقياً ثم اقتصادياً.
السؤال الثاني:
هل هناك إمكانية سياسية وتشريعية قادرة على إلزام الحكومات اللاحقة لتطبيق الورقة البيضاء ذات الأمد المتوسط (3-5 سنوات)؟ وكيف؟
-الأستاذ الدكتور فلاح حسن ثويني.
بالتأكيد إن البرلمان والحكومة هما المسؤولان المباشران في عملية التطبيق والتنفيذ كل حسب مسؤوليته، وأي تلكؤ سواء في التشريع أو التطبيق، هم وحدهم من يتحمله، وفي ظل الظروف الحالية لا تستطيع أي جهة أخرى أن تؤثر في الإجبار أو الإلزام في التطبيق، إذا لم تكن هناك إرادة حقيقة للتغيير.
والخلاصة هي:
إذا لم يخضع البرنامج للتطبيق فلا يمكن أن تؤشر نقاط الضعف، ونقطة الشروع الأولى لاختبار البرنامج هي إخضاعه للتطبيق.
وهناك رأي يؤكد على:
رؤية بلا عمل...فهي حلم
وعمل بلا رؤية...فهو مضيعة للوقت
ولكن عندما تقترن الرؤية بالعمل ...
سيكون التطبيق ويحدث التغيير.
-الدكتور احمد جاسم محمد.
التجربة العراقية منذ 2003 أثبتت عدم وجود رؤية وإستراتيجية واضحة لدى السلطات الثلاث بأجمعها، والبرامج والأوراق وجدت لكي توضع على الرفوف دون الرجوع إليها. ومن ثم لا يمكن إقناع الحكومات اللاحقة على القيام بتنفيذ الورقة.
الأرضية المشتركة لتطبيق ونجاح أي إصلاحات يعتمد على إحداث ثورة جوهرية في طرق التفكير السائدة وأساليب العمل والسلوكيات والاتجاهات السائدة في المجتمع العراقي. وبما انه لا يوجد وعي حقيقي بأهمية الإصلاح وإبعاده، ناهيك عن ضعف الوعي الخاص بضرورة تطبيق الإصلاحات لدى النخبة والجماهير، وفقدان إرادة التنمية لا يمكن الحديث عن الإصلاح إلا في الأوراق ومنها الورقة البيضاء التي ولدت غير مكتملة ولا نمتلك حاضنة لرعايتها لحين إكمال نضجها ولذلك سوف يتم إهمالها في خضام المشاكل السياسية المتزايدة التي أسهمت بدورها في إنهاك الاقتصاد العراقي في ظل ما يعرف باللجان الاقتصادية.
- الدكتور أحمد حسين السرحان
نعم هناك إمكانية سياسية وتشريعية على الرغم من صعوبة إقناع القوى السياسية بمتضمنات الورقة وقبل ذلك بضرورة الإصلاح المالي. والسبب لان هذا الإصلاح ربما يغلق كثير من بوابات الفساد التي تعد منافذ لحصول تلك القوى على المال العام.
إقرار القوانين التي تطلبها الورقة أو تعديل البعض الآخر سيكون ملزم للحكومات القادمة من استكمال مسيرة الإصلاح. ومع ذلك يبقى الالتزام وتفعيل القوانين خاضع لطبيعة الخارطة السياسية القادمة في مجلس النواب. وهذا هو حال الكثير من الفعاليات الاقتصادية والسياسية التي تتطلب توافقا سياسيا بالدرجة الأساس ليتم ترجمتها إلى تشريعات. وهنا لابد من وعي سياسي من قبل القوى السياسية في مجلس النواب القادم والحكومة القادمة – إذا ما حصلت الانتخابات التشريعية المبكرة في حزيران القادم-بأن الإصلاح الاقتصادي بات أمراً حتميا لا يمكن تأجيله.
-الباحثة نجلة شمعون شليمون.
• أن تنفيذ هذه الورقة يتوقف على وجود حكومة قادرة على تطبيق هذه الإصلاحات، وكذلك وجود حاضنة سياسية داعمة لإجراء إصلاحات الحكومة، مع تقبل شعبي لهذه الإصلاحات فضلا عن إن الورقة الإصلاحية تضمن الرؤى والأفكار التي أقرتها الحكومات السابقة لكن لم تنفذ من قبلها وعلى الحكومة إرسال مشاريع القوانين والقرارات إلى مجلس النواب لتشريعها من اجل دخول الورقة الإصلاحية حيز التنفيذ.
• ضرورة أن يكون مشروع الرقم الوطني من أولى أولويات الورقة البيضاء إذ إن الرقم الوطني سيسهل على الأجهزة الرقابية متابعة الأرصدة البنكية والممتلكات والكسب غير المشروع كما سينتهي ازدواج الراتب وتعدده، بالإضافة إلى فوائد أخرى كثيرة يمكن أن تقلل الكثير من النفقات الحكومية وتسهم في مكافحة الفساد بشكل فعال.
• تبني سياسات تستهدف تشجيع قطاعات الإنتاج الموجهة للتصدير تشمل تحرير التجارة من القيود المفروضة عليها لتمكين المنتجين من استيراد مدخلات الإنتاج لتبني التقنية اللازمة لتحسين منتجاتهم ورفع قدراتهم التصديرية لمعالجة الاختلالات الخارجية والوصول إلى وضع الاستقرار الاقتصادي.
• العمل على زيادة مستويات مرونة استجابة السياسة المالية للصدمات وقدرتها على مواجهة التقلبات من خلال تبني سياسات معاكسة للدورة الاقتصادية، وهو ما يستلزم الاستمرار في الإصلاحات الهادفة إلى رفع كفاءة نظم الموازنة العامة واعتماد استراتيجية خمسية للموازنة العامة على أن تكون موازنة أهداف بدلا من موازنة بنود وإصدار موازنات تكميلية كما هو معمول به في نظام الموازنات العامة في بعض الدول.
• تطبيق نموذج الاوز الطائر لتحقيق التنمية المستدامة الفعلية للعراق.
• تطبيق نظام الأسيكودا على المنافذ الحدودية في العراق المقترح في مطلع عام 2010، مع العرض انه تم تشكيل لجان من الجهات المذكورة أعلاه، قامت هذه اللجان باجتماعات عدة في محاولة لتطبيق هذا النظام وتم إرسالها إلى دول عدة (منها الأردن) لمعرفة آلية هذا النظام وفوائده، إلا أن تلك المحاولات باءت جميعها بالفشل وذلك لعد وجود جهة ممولة لهذا المشروع التنموي.
• وجود حماية للمنتج الوطني المحلي، إذ أدى عدم وجود حماية للمنتج الوطني إلى اتجاه القطاع الخاص نحو الأنشطة الهامشية وعزوفه عن الإسهام في القطاعات الحقيقية، الأمر الذي أسهم في إضعافه وبالتالي عدم قدرته على الإفادة من تلك المبادرة.
• يلاحظ إن اغلب الأفراد تتجه إلى القروض الاستهلاكية حتى لو تجاوزت نسبة فائدتها (10%) بينما لا يتجهون إلى القروض الإنتاجية بالرغم من انخفاض نسبة فائدتها، الأمر الذي يطلب ترويجا إعلاميا نحو ثقافة الأعمال في المجتمع، حتى يتجه الناس نحو الاقتراض المنتج وبالتالي يخفف العبء عن القطاع العام في التوظيف وغيره.
• المشكلة التي تجعل المصارف تتباطأ في منح القروض للمستفيدين هي عدم تعزيز طلبات المتقدمين بطلب تمويل لمشاريعهم بدراسات جدوى معترفا بها تثبت صلاحية المشروع للتمويل، الأمر الذي يثير قلقا لدى المصرف الممول بقدرة المستفيد على تسديد القرض من عائدات المشروع.
• تشجيع قطاع الخياطة كونه يوفر فرص عمل ولاسيما النساء بتشريعات بسيطة منها تقييد الاستيرادات فعلى سبيل المثال تعتمد تركيا على واردات الخياطة بنسبة ثلث أرباح قطاع الصناعة التركية واحد أهم أسواقها هو العراق.
• تشجيع القطاع الزراعي من خلال التوجه نحو تشجيع قطاع الصيد وصيد الأسماك كون العراق يمتلك ثروات سمكية هائلة مما يجعل هذا القطاع ينمو بشكل سريع وبالتالي الاستفادة منه بتصدير المنتجات البحرية إلى العالم وهذا النمو يوفر فرص عمل كثيرة ويسمح بظهور مشاريع جديدة للثروة السمكية.
• العناية بالقطاع الصحي وبناء المستشفيات وتجهيزها بأحدث الأجهزة الطبية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية وإيلاء ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال الاستفادة من دعم البنك وصندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية اللذان يقدمان حزمة مساعدات مالية وعينية للبلدان التي تضررت من كوفيد 19 إذ يمكن الحصول على دفعات طوارئ عاجلة لدعم البنى التحتية المتهالكة لهذا القطاع.
• فيما يخص قطاع التعليم تدعم اليونسكو حاليا التعليم الرقمي وبرامج التواصل عن بعد للمدارس الأطفال مدفوعة بظروف الجائحة الأمر الذي يمكن أن يدعم الموازنة من خلال تخفيض تكاليف التي توجه إلى هذا القطاع من حصة الموازنة.
-الدكتورة إيمان عبد الرحيم كاظم الحسيني.
إن التزام الحكومة بالتنفيذ منبثق من التزام مجلس النواب الجديد كون هناك العديد من التشريعات تتطلبها الورقة هذا من جانب ومن جانب آخر إنها لا تختلف كثيراً عن الخطط الخمسية السابقة التي لم تكن هناك جدية بالالتزام بها.
-الدكتور إيهاب علي داود.
لا يوجد إلزام للحكومات القادمة ألا في حال استحصال موافقة البرلمان وحتى هذه قد لا تعطي صفة الإلزام ... لكن تحقيق بعض النتائج الايجابية السريعة قد تجبر الحكومات القادمة على المضي في تحقيق أهداف ورقة الإصلاح في حال انتخاب أعضاء مجلس نواب وحكومة تعمل بإرادة وطنية مستقلة.