تفصح الوقائع والبيانات المتاحة حول معدلات العرض والطلب على النفط الخام الى دخول اسواق النفط العالمية في تخمة جديدة قد تعيد معدلات الاسعار الى التأرجح ما بين (50-60) دولار للبرميل طوال العام 2019. ورغم اتفاق اوبك وشركائها على خفض سقوف الانتاج بمقدار (1.2) مليون برميل يوميا مطلع العام 2019 الا ان اساسيات الاسواق تشير الى تفوق المعروض النفطي خارج اوبك (2.2 مليون برميل) لمجمل الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط (1.2 مليون برميل) خلال العام 2019، مما ينذر تخمة جديدة قد تعيق تعافي معدلات الاسعار في الامد المنظور.
العودة الى سقوف الانتاج
في اطار الهبوط الحاد الذي شهدته اسعار النفط الخام مؤخرا (من 86 الى 56 دولار للبرميل) وتزايد القلق من تخمة الإمدادات، خصوصا مع منح الولايات المتحدة بعض الاستثناءات لاستيراد النفط الايراني بعد تجميد العقوبات لمدة (6) اشهر، اتفقت أوبك وحلفاؤها بمن فيهم روسيا الأسبوع الماضي على العودة إلى تخفيضات الإنتاج عام 2019. وتم الاتفاق على خفض الإنتاج بمقدار (1.2) مليون برميل يوميا. ويبلغ نصيب المنظمة من الخفض (800) ألف برميل يوميا، في حين تشارك الدول من خارج اوبك في خفض انتاجها بمقدار (400) الف برميل يوميا مطلع العام 2019 .
وفي تقرير اوبك الشهري، توقعت المنظمة تباطؤ الطلب العالمي على النفط العام القادم، في اطار ضعف توقعات النمو والاستقرار الاقتصادي العالمي. واشارت المنظمة في تقريرها الجديد ” الى ان تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتشديد السياسة النقدية في بعض الدول والتحديات الجيوسياسية من بين ابرز المشكلات التي تعزز المخاطر الاقتصادية وتضغط على الاسعار صوب الهبوط خلال العام 2019“. كما بينت منظمة أوبك إن الطلب على نفطها في عام 2019 سيتراجع إلى (31.44) مليون برميل يوميا، بما يقل عن (100) ألف برميل عن توقعاتها في الشهر الماضي، وأقل أيضا من مستوى إنتاجها الحالي بقرابة (1.53) مليون برميل يوميا.
وفي علامة جديدة على وجود فائض في المعروض، اشار تقرير أوبك الى إن مخزونات النفط في الاقتصادات المتقدمة ارتفع مجددا في أكتوبر تشرين الأول فوق المتوسط في خمس سنوات، مما يهدد مجددا فرص تعافي الاسعار قريبا.
ويمثل خفض الإمدادات تحولا ًفي سياسة الإنتاج، بعدما اتفقت أوبك وحلفاؤها في يونيو حزيران على زيادة الإمدادات وسط ضغوط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض الأسعار وتغطية نقص متوقع في الصادرات الإيرانية. مع ذلك، غيرت أوبك مسارها بعدما هبطت الأسعار بشكل حاد من أعلى مستوياتها في أربع سنوات (فوق 86) دولارا للبرميل، الذي سجلته في أكتوبر تشرين الأول، بفعل مخاوف من ضعف الطلب ووفرة المعروض من النفط في الاسواق.
وتشير الأرقام إلى أن اسواق النفط ستظل تعاني من فائض في المعروض خلال العام القادم حتى اذا التزمت أوبك بكامل تخفيضاتها البالغة (800) ألف برميل يوميا وبقيت العوامل الأخرى بدون تغيير. لكن هذا الفائض ربما يتبدد اواخر النصف الاول من العام القادم اذا ما دخلت العقوبات الامريكية حيز التطبيق، او في حالة توقف (او شح) الامدادات من دول نفطية اخرى.
اسعار النفط وتجاوز الحصص المقررة
ساهمت تخفيضات الإمدادات التي بدأتها أوبك وحلفاؤها مطلع العام 2017 في تبديد تخمة الامدادات النفطية وتقليص فوائض المخزون ودفع الاسعار باتجاه التعافي المتدرج ليلامس عتبة 86 دولار للبرميل في تشرين الاول من العام 2018 ، وهو اعلى معدل تحقق اسعار النفط بعد انهيار الاسعار منتصف العام 2014. مع ذلك، ادى تجاوز الحصص الانتاجية مؤخر الى تكرار مشهد الهبوط مرة ثانية لتنزلق الاسعار خلال اسابيع الى دون (60) دولار للبرميل اواخر شهر تشرين الثاني الماضي. وفيما يلي مقارنة بين مستويات إنتاج أوبك في أكتوبر تشرين الأول 2018، كما ورد في تقرير سوق النفط الشهري لأوبك، وبين مستويات الإنتاج المتفق عليها اواخر العام 2016، في عدد من البلدان المصدرة للنفط في اوبك.