قراءة في مشروع (2023 التركي)

بعد أن وصلت تركيا إلى ما وصلت إليه اليوم من تقدم اقتصادي كبير تحاول جاهدة في أن يكون اعتمادها على نتاجها القومي وفي ما تنتجه داخل أراضيها من خلال تنفيذ عدد من الخطط والمشاريع التنموية على ارض الواقع ومن بين هذه المشاريع والخطط مشروع ( على طريق تركيا الجديدة ) و( مشروع 2023 الاقتصادي ) سوف نحاول في هذه الدراسة أن نسلط الضوء على أهداف هذه المشاريع وخاصة المشروع الاقتصادي لعام 2023 الذي تسعى تركيا تطبيقه وتنفيذه ، نظراً لما يمثله هذا المشروع من أهمية اقتصادية وسياسية وحتى اجتماعية . يمتلك الرئيس التركي ( رجب طيب اردوغان ) نزعة أصلاحية يهدف من خلالها إلى أحداث التقدم والتطور وسعيه الحثيث إلى إيصال تركيا إلى مصاف الدول المتقدمة بدعم وبناء اقتصادها الوطني وكان الدافع الأساسي من وراء ذلك هو رغبة تركيا وحكومتها الجامحة في الانضمام للاتحاد الأوربي ، ولكن هذه الرغبة تغيرت مع مرور الزمن ، وبعد أن أصبح لتركيا رؤيا خاصة تحاول تنفيذها على ارض الواقع وإحدى هذه الرؤى هو مشروع 2023 الاقتصـادي . يمتلك اردوغان أربعة أهداف رئيسية يسعى إلى تحقيقها على ارض الواقع وتتمثل في الآتي :- 1- الدفع بالتقدم الديمقراطي . 2- ضمان التناغم بين المؤسسات السياسية والمجتمع . 3- تحسين الرفاه الاجتماعي . 4- وضع تركيا واحدة من اكبر عشرة اقتصاديات في العالم . وقد شهدت تركيا سجلاً اقتصادياً حافلاً في عهد اردوغان خصوصاً بعد أن أعلن عن مشروعه الأول ( على طريق تركيا الجديدة ) ، بمعنى أن تركيا الاتاتوركية القديمة أصبحت من الماضي وهو اليوم بصدد بناء تركيا جديدة من خلال أجراء الإصلاحات التالية :- 1) تعديل الدستور التركي ، وان هذا التعديل سوف ينتج دستوراً جديداً ومستقبلاً جديداً سوف تواجه تركيا . 2) توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية خصوصاً بعد أن أصبح اردوغان رئيساً لتركيا من اجل توسيع صلاحياته . 3) تغيير النظام السياسي من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي كما في الولايات المتحدة الأمريكية ، أو شبة الرئاسي كما في فرنسا . يحاول اردوغان من خلال هذا كسب رضا الجميع سواء من صوت معه أو ضده في الانتخابات ، بان يشعر الآخرين من الأقليات الأثينية والدينية كالأكراد والعلويين بالأمن والسلام على اعتبار انه احد دعاة السلام ، وتم اختيار تسمية هذا المشروع بهذا الاسم واقترانه بهذا التاريخ بالتحديد من اجل سببين :- الأول // في عام 2023 تكمل تركيا سنتها المئوية الأولى ، وهي ما تعرف بالجمهورية الأولى التي أعلن عن قيامها ( مصطفى كمال أتاتورك ) . الثاني // تحقيق أهداف جديدة لتركيا بحلول هذا العام من خلال استلام اردوغان لمنصب رئيس الجمهورية ، والتي من الممكن أن يبقى فيها لولايتين وكل ولاية تحدد بخمس سنوات . اردوغان لا يسعى فقط إلى تغيير نظام الحكم أو سعيه لكرسي الرئاسة فقط وإنما يسعى لإعلان الجمهورية الثانية في تركيا واقترانها باسمة مثلما اقترنت الجمهورية الأولى باسم أتاتورك ، لكن ما يثير القلق والمخاوف ليس في هذه الإصلاحات أو في تغيير نظام الحكم فحسب بل في قلب نظام الحكم وتحويله من برلماني إلى فدرالي ، لكونه سيساهم في حل الكثير من مشكلات تركيا وعلى رأسها القضية الكردية ، وهذا ما سيستغله معارضي اردوغان أذا ما سمحت لهم الفرصة . يعد هذا المشروع ذات أهمية اقتصادية كبيرة لتركيا من خلال انضمام الأخيرة إلى مجموعة الدول العظمى اقتصادياً ، وجعلها تندرج ضمن العشرة الأولى من الدول ذات المردود الاقتصادي الكبير ، وهذا المشروع احد الأسباب الرئيسية التي جعلت تركيا تتراجع وخصوصا في الفترة الحالية ، عن انضمامها للاتحاد الأوربي بعد أن قطعت شوطا طويلا في تغيير ما يحتاج إلى تغيير من اجل تسهيل عملية الانضمام ، أن هذا المشروع سوف يحدث تغييرا كبيرا على تركيا سواء كان محلياً أو إقليمياً أو عالمياً من خلال عقد سلسلة من التحالفات التي تعزز من مكانة تركيا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، وهذا ما حصل بالفعل عندما قام اردوغان بعقد سلسلة من المشاورات والتحالفات مع عدد من الدول العربية وفي مقدمتها مصر ، وان هذا المشروع أذا كتب له النجاح في المستقبل فانه سوف يكون له تأثيرات قوية على دول المنطقة الإقليمية من ناحية التعاون المتبادل مابين هذه الدول وتركيا ، وفي المقابل سوف تزداد فرص تركيا في التدخل في شؤون هذه الدول وهذا ما اتضح لنا في الفترة الراهنة ، عندما أخذت الحكومة التركية تمارس دوراً واضحاَ ومؤثراً في القضية العراقية والسورية ومباحثاتها الأخيرة مع مسعود بارزاني – رئيس إقليم كردستان – حول سبل التعاون ما بين الاثنين بالإضافة إلى سعي الاثنين إلى حل المسالة الكردية . يعتبـر أردوغان من سياسي تركيا الذين يمتلكون حنكة سياسية ثاقبة تمكنه من خوض المغامرة الأصعب التي يسعى إلى تنفيذها ، وهي الأهم في حياته السياسية ، خلال السنوات المقبلة والتي تندرج بالاتي : 1- الانتخابات المحلية بعد عام . 2- الانتخابات الرئاسية بعد عامين . 3- الانتخابات النيابية بعد ثلاثة أعوام . هذا سيتحقق من خلال إصداره للدستور الجديد والذي سيتضمن مسالة انتقال النظام السياسي للبلاد ، إضافة إلى الانتخابات البلدية والتي سوف تمثل ضربة قوية للمعارضة من خلال رفع الرصيد الشعبي لحزبه مما يسهل علية الوصول إلى ( قصر شنقا يا ) - وهو القصر الرئاسي التركي - . أن نجاح هذا المشروع سوف يؤتي ثماره على ارض الواقع بعد أن يتم تطبيقه عملياً وسوف تكون نتائجه مبررة بعد أن دعا اردوغان جميع الشباب في تركيا ، وكان هذا خلال خطاب الحزب السنوي الذي ألقاه على الحضور قبل الانتخابات بفترة ، إلى ما يلي : - أ‌) السعي والعمل المتواصل لإنجاح هذا المشروع عن طريق شحذ الهمم والطاقات لبناء تركيا جديدة بكل ما تحويه الكلمة من معنى. ب‌) أحياء الألفية الأولى لحرب ( مالزغيت ) والتي توافق في عام 2071م التي خاضها ( ألب أصلان ) عام 1071م ضد البيزنطينيين ، وكما هو متعارف عليه تعتبر هذه الحرب هي الخطوة الأولى في التمدد التركي نحو الأناضول وإنشاء الإمبراطورية العثمانية . وان نجاح هذا المشروع مرهون بمدى أمكانية تحقيقه على ارض الواقع ومدى استجابته لمتطلبات المرحلة التي سوف تصل أليها تركيا مع حلول عام 2023م وما ستشهده هذه المرحلة من تطورات وأحداث سياسية كانت أم اقتصادية وحتى اجتماعية ، ومدى انعكاسها على المحيط الإقليمي ،وخاصة دول الجوار المتاخمة للحدود التركية ، ولا يفوتنا أن نذكر أن أردوغان عازم على تحقيق هذا المشروع بالإضافة إلى سعيه لتسلم رئاسة الجمهورية للمرة الثانية ، ويرفض أن يمارس دور الرئيس المتقاعد المتخاذل والراضي بالجلوس حبيس بيته كنهاية لخدماته رئيسا للحكومة التركية . مصادر معتمدة : - 1- د . سعدي عثمان هروتي ، كوردستان والإمبراطورية العثمانية : دراسة في تطور سياسة الهيمنة العثمانية في كوردستان 1514- 1851م ، مؤسسة موكرياني للبحوث والنشر ، الطبعة الأولى ، دهوك ، 2008م . 2- سمير صالحة ، طريق اردوغان 2023 ... طريق الأتراك 2071 ، 3 / تشرين الأول/ 2012م . 3- صحيفة تركيا بوست ، 12 / آب / 2014م .
التعليقات
تغيير الرمز