في ذكرى الانتصار على داعش: دروسٌ وعبر

تمر علينا الذكرى الأولى لتحرير مدن العراق  من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي بعد أن دامت سيطرته ما يقارب الثلاث سنوات، والتي تمثلت بإحكام قبضته على مدن الموصل وديالى وصلاح الدين وجزء من الانبار، فضلًا عن المناطق المتاخمة للعاصمة بغداد ، ولعل مسببات عدة كانت وراء ظهور هذا التنظيم وتمدده منها: وجود الحواضن المجتمعية إلى جانب سوء تعامل الحكومات المتعاقبة مع ادارة المناطق السنية بالصورة الصحيحة، فضلًا عن ضعف العامل الاستخباري والمخابراتي  وانتشار الفساد الإداري، ووجود ما يعرف بالفضائيين ما بين الوحدات العسكرية ، مع وجود دعم خارجي للجماعات الارهابية ومؤثرات الازمة السورية وتنامي الخلافات السياسية والتوتر مع كردستان العراق، وضعف الإدارات المحلية وغيرها من الاخفاقات التي ساهمت بسقوط تلك المدن بقبضة التنظيم الارهابي .

     وفي ظل أزمة سيطرة التنظيم الإرهابي على مناطق مهمة من العراق ولا سيما محافظة الموصل جاءت فتوى الدفاع الكفائي لمرجعية السيد السيستاني لتحث الناس على التطوع في صفوف القوات العسكرية والامنية لمن يتمكن من حمل السلاح في سبيل مواجهة التنظيم الإرهابي، وقد لاقت الفتوى استجابة سريعة من مختلف فئات المجتمع العراقي إلى درجة لم تتمكن القوات العسكرية النظامية من استيعاب الاعداد الهائلة من المتطوعين في ظل الانهيار واعادة الهيكلة.

     من هنا انبرت الفصائل المسلحة  لقتال التنظيم الإرهابي، و لا سيما  إن بعضها يمتلك خبرة في مجال المعارك والقتال الداخلي ،  بينما البعض الآخر تألف استجابة لفتوى المرجعية التي وفرت قاعدة شرعية من اجل استيعاب هذه الاعداد وعلى هذا المنوال تألف اكثر من 40 فصيل مسلح لمواجهة تنظيم داعش بعضها كان تابعًا لأحزاب أو شخصيات سياسية وبعضها الآخر كان تابعًا  للعتبات المقدسة ، وهنا برزت الحاجة لاستيعاب تلك الفصائل في هيئة الحشد الشعبي التي اكتسبت الصفة القانونية في اعقاب تصويت البرلمان العراقي على قانونها في عام  2016 على الرغم من رفض بعض الفصائل الانخراط في خيمتها الأمر الذي أبرز إشكالية قانونية ومجتمعية في ظل غياب الضابط المراقب والموجه لبعض الفصائل ، بيد إنه لا ينكر دور الحشد الشعبي والقوات الامنية الاخرى في حربها وتضحياتها من اجل استعادة المدن وهو ما تحقق في 10 / 12 / 2017 من احقاق النصر النهائي وفرض السيطرة النهائية على كامل أراضي العراق ،

والسؤال الذي يُطرح هنا : بعد عام من التحرير كيف يبدو العراق اليوم ؟ وكيف لصانع القرار تجاوز الأخطاء ومنع تكراراها؟ .

وللإجابة عن ذلك نذكر الآتي:

1- تمكنت الحكومة السابقة بقيادة السيد العبادي من اعادة السيطرة على كامل الارض العراقية عبر توظيف عوامل القوة بمجالها الصحيح سواء عبر كسب ود اهالي المناطق المحررة او حتى على مستوى الإفادة من فتوى المرجعية، وحسن ادارة المعركة وآلية اختيار القادة، وعلى هذا الأساس ينبغي للحكومة الجديدة استكمال الخطوات عبر استيعاب اهالي المدن المحررة في الاجهزة الامنية المحلية أو الاتحادية فضلًا عن الارتكاز على العامل الاستخباري واعادة النازحين لمناطق سكناهم.

2- أثبتت تجربة داعش قدرة العراق على تجاوز المحن والتوحد عند المخاطر، وهذا ما بدا جلياَ عبر تطوع أهالي المناطق السنية في القوات الأمنية أو الحشد الشعبي والعشائري لتحرير مدنهم، وبالتالي ينبغي استثمار هذه الاعداد الشابة في البناء والاعمار.

3- لم تتحقق الدرجة المطلوبة من برامج مكافحة الفساد في مختلف الحكومات المتعاقبة مع خطورة الملف والذي يقف وراء اغلب المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والخدمية، لهذا يحتاج أولوية في التطبيق وحزم في التنفيذ والوقوف على لب المشكلة ومن ثم علاجها تدريجيًا.

4- اعطاء اهتمام بالغ للجانب الاستخباري وحسن التعامل مع المعلومة وإحكام السيطرة على المناطق الحدودية، والاستعانة بالجهد التكنولوجي في مراقبة الحدود.

5- تسوية موضوع وجود السلاح خارج منظومة سيطرة الدولة على أن يشمل الجميع من دون استثناءات، ويشمل هذا الأمر الجماعات خارج هيئة الحشد الشعبي إلى جانب إعادة هيكلة الحشد أو دمجه بالقوات الامنية لإنصاف مقاتليه وتوحيد الجهود.

التعليقات
تغيير الرمز