ما بعد انتخاب رئيس العراق: ارتياح في بغداد وقلق في كردستان

كما هو المعتاد في المشهد السياسي العراق منذ التغير عام 2003، ان يكون لعامل التوافق والاتفاق الاولية والحضور القوي في اية تشكيلة حكومية حتى صار الامر عرفاَ تسير على خطاه الاحزاب والقوى السياسية بغض النظر عن طبيعة نتائج الانتخابات التي لا يتجاوز دورها موضوع التداول السلمي للسلطة واختيار الشخوص الجدد وحصد ثمار اكبر يتناسب والحضور السياسي ، والامر يتغير بتغير عدد المقاعد اما الثابت هو التقاسم القومي والمذهبي عبر اختيار شخص كردي لرئاسة جمهورية العراق فيما يتولى العرب السنة منصب رئاسة البرلمان على ان تذهب رئاسة الحكومة العراقية للمكون الشيعي .

اما الجديد على مستوى العملية السياسية في اعقاب انتخابات 2018 تفكك اغلب الاحزاب التقليدية ومن ورائها التحالفات و الاصطفافات التي بنيت على اسس طائفية وقومية كما هو حال التحالف الوطني الشيعي والتحالف الكردستاني والتحالف السني ، وهو ما افرز نوعاً من المرونة والحراك داخل اروقة مجلس النواب المنتخب حديثاً اضافة الى تقدم كتل سياسية جديدة كما في تحالف سائرون المدعون من التيار الصدري والحزب الشيوعي اضافة الى قائمة الفتح المدعومة من الحشد الشعبي ، اضافة الى حصول تحالفات غير نمطية  كما هو حال تحالف الاصلاح والبناء وكلا التحالفين سعى لضم اطراف سنية ومستقلة لصفوفه مع الحصول على ود احد ركني القوى الكردية وهوما حصل عند التصويت على مرشح رئاسة البرلمان في اعقاب غياب الاتفاق على مرشح اوحد مما اضطر القوى السنية لتقديم مرشحين عدة وترك الاختيار لبقية النواب وهو ما نتج عن اختيار السيد الحلبوسي في خطوة موفقة للمجلس الجديد لتجنب الوقوع في المحظور الدستوري فيما كانت الخلافات حاضرة في انتخاب رئيس الجمهورية لا سيما بعد عجز الكرد عن توحيد صفوفهم وهو امر يحدث للمرة الاولى مما اضطر الاطراف الكردية للقدوم الى بغداد بمرشحين عدة الا ان التنافس كان شديداً ما بين السيد برهم صالح مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني و فؤاد حسين مرشح الديمقراطي الكردستاني .

وبعد جلسة الثلاثاء الساخنة وتصاعد حدة التنافس وفي اعقاب جولتي حسم اثمرت الامور عن اختيار السيد برهم صالح لرئاسة جمهورية العراق الامر الذي باركته اغلب القوى العراقية وحتى الشعبية باعتبار السيد صالح شخصية معروفة ولديه حضور ويتمتع بخطاب وطني وكان من معارضي انفصال الاقليم ومن منتقدي تفرد السلطة في الاقليم كما ويتمتع بعلاقات متينة مع اغلب القادة اضافة الى علاقاته الطيبة مع الكثير من دول العالم ، وبقدر الارتياح السياسي والشعبي على خطوة اختيار الرئيس الجديد في الاوساط العراقية بقدر تزايد القلق الكردي في الاقليم لكون الخلافات اخذت بالتصاعد لا سيما بعد تشكيك الحزب الديمقراطي بالعملية وتوعده باتخاذ تدابير واجراءات ومواقف جديدة والامر هنا يؤشر على تزايد الخلاف الكردي- الكردي ما بين الحزبين الكبيرين وتتزامن هذه الخلافات مع صعود تيارات سياسية جديدة في الاقليم قد تزعزع وجود القوى التقليدية الامر الذي تداركته تلك القوى عبر اعادة رسم الخارطة السياسية سواء داخل او خارج الاقليم في محاولة لإدراك اللحظات الاخيرة قبل حدوث الازمة الكردية لا سيما بعد تصاعد حدة الخلاف على اثر تهم بالتزوير طالت انتخابات الاقليم الاخيرة والتي تتزامن وانتخاب برهم صالح رئيساً لجمهورية العراق ، والسؤال هنا هل سيتمكن الرئيس برهم صالح من لملمة شتات الاطراف الكردية ومنع حدوث الصدام وهو اول اختبار قد يواجهه، ام ان ما يحصل هواء في شبك الهدف منه حكومة كردستان المرتقبة بحضور عامل المساومة والتوافق .

التعليقات
تغيير الرمز