مسائل حول سعر الصرف في العراق

لا نقصد من هذا الشرح مراجعة نظريات تحديد سعر الصرف أو ميزان المدفوعات فهذه معروضة في كتاب الاقتصاد النقدي للباحث، الطبعة الثانية – إلكترونية؛ وأيضا عرضها كتاب الاقتصاد المالي الدولي والسياسة النقدية، طبعة إلكترونية منه على موقع البنك المركزي؛ كما تناولها الفصل الثالث من كتاب التمويل وسوف الصرف والتنمية في اقتصاد نفطي، الطبعة الثانية. وفي ضوء التجربة العراقية، نعتمد مقاربة بسيطة لغير المختص لا تتعدى ادواتها مبادئ الاقتصاد بالعلاقة مع ارتباك سوق الصرف وتجاوز سعر السوق للسعر الرسمي بفارق كبير نهاية عام 2022 ومطلع عام 2023. ونؤكد على أن سوق الصرف نظام يتحدد فيه السعر بالعلاقة بين عرض معطى من العملة الأجنبية والطلب عليها، ويكاد يكون من المستحيل السيطرة المباشرة على مكونات الطلب على العملة الأجنبية. 

الطلب على العملة الأجنبية  

شاع استخدام تعبير العملة للدلالة على النقود في سوق الصرف والعلاقات المالية الدولية، النقود بصفة عامة وسائل دفع وتسويات ومقياس للقيمة ووعاء لها؛ والنقود أصول، موجودات، مالية إلى جانب الأسهم واوراق الدين ... ولذا هي من مكونات الثروة لحائزيها. النقود الوطنية ثروة للأفراد والقطاع الخاص لكنها ليست ثروة وطنية لأنها مطلوبات على الجهاز المصرفي وهو من ضمن الاقتصاد الوطني. اما النقود الأجنبية فهي جزء من ثروة الأفراد الحائزين لها ومن مكونات الثروة الوطنية كونها مطلوبات على جهات أجنبية. فحتى لو ازدادت النقود الوطنية بقيمتها الحقيقية، بقوتها الشرائية، لا تمثل زيادة في الثروة الوطنية؛ بينما تزداد الثروة الوطنية بمقدار زيادة النقود الأجنبية التي بحيازة القطاع الخاص او القطاع العام.  

عندما يقل الطلب على النقود الوطنية، تنصرف الدلالة إلى الرصيد Stock اي كل الموجود منها في لحظة زمنية. بينما ينصرف تعبير الطلب على العملة الأجنبية إلى تدفق Flow خلال مدة من الزمن. ولنستحضر الميزان الخارجي للاقتصاد الوطني، ميزان المدفوعات Balance of Payments، نجد في جانب منه المقبوضات أو التدفقات الداخلة، وفي الجانب المقابل المدفوعات والتي تمثل الطلب على العملة الأجنبية. فما هي أصناف هذا الطلب:

- استيرادات السلع والخدمات وتشمل الأخيرة الخدمات المرتبطة بالسلع مثل الشحن والتأمين وخدمات صيرفة التجارة الخارجية، وخدمات أخرى منها السياحة والتعليم والعلاج ... وما إلى ذلك. وضمن إستيراد السلع والخدمات البرمجيات والاشتراكات في شبكات الاتصال ... وسواها. 

- تحويلات دخل عناصر الإنتاج الأساسية منها أرباح الشركات وأجور العمال والخبراء الأجانب. وتحويلات أخرى مثل التبرعات ورواتب التقاعد ومساعدات بين أعضاء الإسرة  عبر الحدود ... وهكذا.

- تحويلات رأسمالية وهي فقرة أصبحت صغيرة في التصنيف الأحدث حسب النظام الإحصائي لميزان المدفوعات.

- صفقات الحساب المالي هي كثيرة، منها الاستثمار الأجنبي المباشر؛ استثمارات الحافظة ، أسهم وسندات وما إليها؛ وإيداعات في المصارف الخارجية؛ وإضافة على رصيد العملة الأجنبية المحتفظ بها في الداخل. وهذه الأخيرة تعد ضمن الاستثمار في الخارج كونها إضافة إلى رصيد المطلوبات على غير المقيمين. فالأسرة العراقية التي كانت تحتفظ بعشرة الاف دولار نهاية عام 2022 وزادت عليها خمسة الاف أخرى خلال عام 2023 هذه الزيادة بحكم الاستثمار في الخارج لأنها مطلوبات على الاحتياطي الفدرالي الأمريكي. 

ما دام طلب القطاع العام على العملة الأجنبية يوفّى مباشرة من الأرصدة الحكومية يقتصر التحليل المختصر على طلب القطاع الخاص ونافذة البنك المركزي وسوق الصرف. نلاحظ مكونات الطلب على العملة الأجنبية تندرج في فئتين عريضتين: العمليات الجارية، الاستيرادات وتحويلات الداخل، وهذه مألوفة للناس ولا تثير إشكالات في المفاهيم والمشروعية؛ وصفقات العمليات المالية، وهو النطاق محل الجدل والالتباس. الصفقات المالية في جانب المدفوعات للميزان الخارجي، يجمعها مفهوم الاستثمار في الخارج. القطاع الخاص يستثمر، اساسا، في الداخل بإضافة إلى رأس المال تسمى تكوين رأس المال، ويمكن إيراد المتطابقة التي توضح استثماره في الخارج، اي مدفوعات القطاع الخاص في الجزء الأسفل من ميزان المدفوعات، دون الحساب الجاري، وذلك للتذكير بأن ثمة محددات اقتصادية لاستثمار القطاع الخاص في الخارج.

استثمار القطاع الخاص في الخارج= الادخار الخاص – تكوين رأس المال في القطاع الخاص – إقراض القطاع الخاص للقطاع العام + الاستثمار الاجنبي في القطاع الخاص. 

استثمار القطاع الخاص في الخارج= الادخار الخاص – ( تكوين رأس المال في القطاع الخاص +إقراض القطاع الخاص للقطاع العام –الاستثمار الاجنبي في القطاع الخاص).

وبذا ينتفي استثمار القطاع الخاص في الخارج في حال التساوي بين الإدخار الخاص ومحصلة مقادير المتغيرات بين القوسين.  وعندها يقتصر طلبه للعملة الأجنبية على تمويل العمليات الجارية اي الإستيرادات والتحويلات الجارية. 

تعتمد الإستيرادات من السلع والخدمات على الدخل ، يعبر عنه الناتج المحلي الأجمالي، بعلاقة طردية؛ و بعلاقة عكسية مع أسعار المستوردات ، وطردية مع أسعار بدائلها المحلية. أما التحويلات على الحساب الجاري فمنها ما يرتبط بحجم رؤوس الأموال الأجنبية في الداخل والعمالة الوافدة ، وعوامل أخرى ذات سلوك عشوائي. ويبقى الإستثمار في الخارج الذي يقيد دائما بالمتطابقة آنفا؛ ويتحرك بما لا يتجاوز ذلك القيد، بدلالة سعر الصرف الفوري ، وسعر الصرف المتوقع ، وسعر الفائدة الوطني، والعوائد على الإستثمار في القطاع الحقيقي الداخلي ، وأسعار الفائدة في الخارج، وتضاف إليها المخاطر بمختلف أصنافها. 

يوضح الشكل (1) أن مبيعات النافذة قد تزايدت سريعا حتى نهاية عام 2011 ثم اتجهت نحو الاستقرار وهو سلوك طبيعي يوصف بالعودة إلى الوسط أو التصحيح الذاتي. ويبدو ان الاتجاه العام للمبيعات الشهرية بين عام 2012 ونهاية عام 2022 أقرب إلى الخط الأفقي مع نزول طفيف. فلا يوجد ما يدعو إلى الخوف من تفجر الطلب على العملة الأجنبية، خاصة وأن احتياطيات البنك المركزي تصاعدت بمعدلات مرتفعة منذ نهوض سعر النفط والذي تزامن مع بقاء الإنفاق الحكومي مقيدا، وتبعا لذلك مستويات الطلب الكلي والمشتق منه على المستوردات سلعا وخدمات. 

لقد أحيط الطلب على العملة الأجنبية بالكثير من الخلط بين القانوني والاقتصادي والسياسي. ولعله مما يساعد على تجاوز هذا الالتباس إعادة الأمور إلى نصابها بالتزام التصنيف الاقتصادي للطلب على العملة الأجنبية كما هو في النظام الإحصائي لميزان المدفوعات، والتوقف عن حشر مفردات مثل السرقة، التهريب، وما إلى ذلك.  بلغت المبيعات المتراكمة بين أكتوبر 2003 ونوفمبر 2022 بملايين الدولارات 676431 أو تقريبا 676.4 مليار دولار، وحسب تقديرات أجريتها قياسيا على بيانات دولية أكثر هذه المبيعات للمستوردات من السلع والخدمات وقليل منها تحويلات جارية أما الاستثمار في الخارج والذي يوصف لدى البعض بالسلوك غير القانوني ولا أتفق معه فلم يستغرق إلا القليل من المبالغ.  

الشكل (1) مبيعات العملة الأجنبية من نافذة البنك المركزي من البداية وحتى تشرين الثاني 2022

سوق الصرف ونظام سعر الصرف

سوق الصرف من الأسواق المالية ذات البعد الدولي، سوق تداول العملات الأجنبية مع العملة الوطنية. والسوق طلب وعرض، الطلب قد تقدم شرحه، اما العرض فهو كل التدفقات في جانب المقبوضات لميزان المدفوعات في قسم العمليات الجارية والقسم الأسفل، العمليات المالية بالتعريف الواسع. ونميز هنا بين سوق المنافسة والأسواق ذات الطابع الاحتكاري أو شبه الاحتكاري.

استقر تعريف سوق المنافسة بكثرة المتعاملين في جانبي العرض والطلب بحيث لا يستطيع أحد التأثير في السعر. أما الاحتكار فقد يكون في جانب العرض أو الطلب وفي الحالتين يتحكم المحتكر في السعر ولذلك يُعرّف المحتكر في المقررات التدريسية للاقتصاد الجزئي بأنه صانع السعرPrice Maker. في سوق الصرف لا مجال للاحتكار في جانب الطلب وهذه الحقيقة واضحة كما تبين آنفا من كثرة مفردات الطلب والعدد غير المحدود لطالبي العملة الأجنبية. أما في جانب العرض فالاحتكار ممكن من جهتين: الأولى بقوة القانون كما كان في العديد من الدول أيام إلزام المصدرين بتسليم موارد الصادرات من العملة الأجنبية إلى البنوك المركزية؛ والثانية الاحتكار الطبيعي Natural Monopoly وهي حالة العراق لأن صادرات النفط المملوك للدولة هي المصدر الوحيد للعملة الأجنبية.

أنظمة سعر الصرف معروفة وتنشر لجميع دول العالم في تقارير صندوق النقد الدولي، ويمكن التعرف عليها بقدر كافي من التفصيل، في المصادر المبينة في المقدمة وسواها. وهي على العموم قابلة للتصنيف بموجب معيارين: حركة سعر الصرف عبر الزمن بين الثبات والتغير؛ وآلية تحديد سعر الصرف بين السوق والسلطات النقدية وهو التحديد الرسمي. يمكن لسعر الصرف أن يتحدد في السوق عند تحقق خصائص المنافسة التامة أو الناقصة؛ اما مع الاحتكار كما في حالة العراق فسعر الصرف يتحدد رسميا بالتعريف لأن المحتكر صانع السعر.  التسمية الأخرى لاعتماد آلية السوق هي التعويم Floating وقد يكون التعويم حرا تماما أو تتدخل السلطة النقدية بيعا وشراء للعملة الأجنبية لمقتضيات الحفاظ على السعر ضمن مدى مرغوب للحركة وهو ما يسنى التعويم المدار Managed Floating. أما التحديد الرسمي فقد يختار التثبيت الصلب دون مرونة، أو حصر السعر بين حدين، التثبيت الصلب هو الذي يسميه صندوق النقد الدولي نظام التثبيت أو سعر الصرف الثابت. أما عند تجاوز السعر 2% فوق او تحت السعر الرسمي فتستخدم تسميات أخرى مثل الترتيبات الاستقرارية أو التثبيت الزاحف ... وهكذا. المهم التحديد الرسمي يهدف إلى التثبيت بينما التعويم يتساهل مع التغير.  مثال على التثبيت الصلب بالتحديد الرسمي العملة السعودية 3.75 ريال للدولار منذ عام 1987؛ وللتغير مع نظام التعويم نشير إلى العملة السويسرية كانت 2.457 وحدات منها للدولار عام 1985 أصبحت 1.492 عام 1987؛ و0.9937 عام 2019 تغيرت إلى 0.918 عام 2021.  

سوق الصرف وسعر الصرف في العراق

العملة الأجنبية محتكرة في العراق للقطاع العام من جانب العرض، وتبعا لهذه الخاصية يتحدد سعر الصرف بمقدار ما تعرضه الدولة للسوق عن طريق نافذة البيع في البنك المركزي العراقي. كانت ولم تزل مبيعات البنك المركزي بسعر محدد رسميا سلفا. ويصنف صندوق النقد الدولي العراق ضمن نظام التثبيت تجاه الدولار الأمريكي، وهو المعتاد. لكن المشكلة تظهر في الاختلاف بين السعر الرسمي وسعر السوق والتي أصبحت واضحة جلية منذ بداية عام 2012. والاختلاف يعود إلى عدم تخلص البنك المركزي من اجراءات دائرة التحويل الخارجي وثقافة العمل المرتبطة بها رغم إلغائها بعد عام 2003، وتأكيد قانون البنك المركزي على البيع البسيط. 

الفرق بين السعر الرسمي وسعر السوق صار رافدا لأرباح كبيرة للمصارف والمتعاملين مع نافذة بيع العملة الأجنبية. وبقيت النافذة موضع اهتمام مكثف من أوساط سياسية ومصالح في أنشطة المال والأعمال وتركيز إعلامي يتهم إدارتها بالتحيز في توزيع العملة الأجنبية بين المصارف. لاحظ هنا تحولت الوظيفة من إيصال العملة الأجنبية إلى السوق لتسهيل التجارة والمدفوعات الدولية إلى توزيع أرباح بين مجموعات المصالح مصدرها الفرق بين سعر السوق والسعر الرسمي. وإحاطة النافذة بالصخب البريء والمغرض يخيف المسؤولين ويحرّضهم على التمسك بالتدقيق والقيود. 

تعليمات شراء العملة الأجنبية تقتصر على قائمة أقصر بكثير من مفردات الطلب على العملة الأجنبية المبينة آنفا. وأدى ذلك، منطقيا، إلى لجوء طالبي العملة الأجنبية للأغراض غير المبينة في التعليمات إلى عرض معلومات ليست دقيقة إلى النافذة. التقييد والتدقيق، كما يبين الشكل (2)، يحول دون انسجام المبيعات مع الكمية المطلوبة بالسعر الرسمي، ومنها الهامش الاحتكاري في السوق.  

الشكل (2) الطلب على العملة الأجنبية وسعر الصرف الرسمي والسوقي في العراق

لنبدأ من الجانب الأيسر نلاحظ منحنى الطلب بعلاقة عكسية مع السعر، وهي بثبات أثر العوامل الأخرى، لأن العملة الأجنبية من مصدر وحيد، البنك المركزي، فعند بيع الكمية Q1 يتعين في السوق السعر R1 . ولو فرضنا ان السعر الرسمي R2 فهذا يقتضي كمية مقدارها Q2 ، ولأن البنك المركزي باع Q1 اصبح سعر السوق فوق السعر الرسمي بفارق من اليسار إلى اليمين R1- R2 وهو الهامش الاحتكاري.

من الضروري معرفة أن البنك المركزي لا يستطيع بيع الكمية Q3 مع السعر الرسمي R2 لأنها ليست مطلوبة، فلا يستطيع تجاوز Q2 بيعا إلا بخفض السعر. ولذلك يكون الفرق بين سعر السوق والسعر الرسمي موجبا دائما، ولا يتطابق سعر السوق مع السعر الرسمي إلا بالكمية Q2 وهذا هو المضمون العملي للدعوة إلى إطلاق مبيعات العملة الأجنبية والتحويلات. أي الاستجابة للطلب كاملا إن أردنا الحفاظ على سعر السوق ملازما للسعر المثبت رسميا. التقييد والتدقيق والتحكم لا يسمح أبدا بنظام سعر الصرف الثابت الذي لا يستقيم سوى مع الاستجابة التامة للطلب دون شرط. 

لنذهب إلى القسم B من الشكل البياني ونفهم أن بيع كمية ثابتة لا يضمن أبدا بقاء سعر السوق متفقا مع السعر الرسمي. لأن دوال الطلب في حركة صعودا ونزولا تبعا لجميع العوامل الأخرى التي افترضنا ثباتها. التوقعات، مثلا، والموسم والدخل وتوسع أو تحجيم الإنفاق الحكومي وانعكاساته المضاعفة في الطلب الكلي ومنه إلى الدخل ... وغيرها كلها تؤدي إلى عدم استقرار العلاقة بين الطلب على العملة الأجنبية وسعر الصرف. فلو كان السعر الرسمي R1 فإن البقاء على الكمية Q1 يجعل سعر السوق R2 لأن الطلب تحول من FX1 إلى FX2 ولذا يقتضي الأمر التحول إلى Q2 للحفاظ على السعر الرسمي. الكميات التوازنية المبينة على المحاور الأفقية لا نعرفها مسبقا إنما هي كل الطلب الذي يصل إلى النافذة إزاء السعر الرسمي. ولهذا سوف تبوء جميع هذه التدابير لتقنين المبيعات والتشدد في طلب المعلومات بالفشل الذريع، وليس أمام الحكومة سوى الإصرار على استجابة تامة للطلب على العملة الأجنبية.

هامش سعر الصرف وازمة سوق الصرف مطلع عام 2023  

بينا السبب الموضوعي لاختلاف سعر السوق عن السعر الرسمي في العراق وعند الرجوع إلى الشكل (3) نجد انه متفاوت أخذ بالصعود إلى مستويات جديدة منذ بداية عام 2012 ثم انخفض بعد عام 2018 وعاود الارتفاع منذ عام 2020، لكنه بقي دون الذرى التي وصلها قبل عام 2018. ونعيد إلى الأذهان سبب هذه الظاهرة وهو العقل المسكون بالسيطرة المباشرة وعدم الاعتراف بأن السوق بذاته نظام لا يقبل غيره، وقوانين العرض والطلب موضوعية وقوية لا تقوى أية سلطة على قهرها. 

الشكل (3): هامش سعر الصرف في العراق

الفرق بين سعر السوق والسعر الرسمي بين كانون الثاني 2005 وكانون الأول 2022

الأزمة الأخيرة بين نهاية عام 2022 ولازالت بداية عام 2023 تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤوليتها كاملة. فقد الحّت على التدقيق الفائق للبيانات، واخافت التجار والمصارف من نافذة البنك المركزي، فتخلى الكثير منهم عن طلب العملة الأجنبية ما أربك التجارة ويهدد بمشاكل في تجهيز السلع وإرباك العرض من الضروريات وقد ترتفع أسعارها فوق المتوقع إذا ما أصرت الولايات المتحدة على عنادها. وأيضا، ومع انسحاب الكثير من التجار، مع ذلك بقي العرض من العملة الأجنبية دون الطلب عليها فاتسع الفارق بين سعر السوق والسعر الرسمي وهذا من اشد أدوات الفساد فتكا بالجهاز المصرفي. الولايات المتحدة اختارت سوق الصرف العراقي ساحة لشن الحرب على إيران غير آبهة بحاجة العراق الماسة إلى الأمن الذي يتطلب قطعا عدم التمييز بين إيران وبقية الجيران والدول الأخرى في العلاقات التجارية والمالية والحياد في هذا النزاع. وأسجل هنا أن من تطوع للانخراط في هذه الفتنة يتحمل أوزار ما يترتب عليها. 

التعليقات
تغيير الرمز