الاقتصاد العراقي عام 2021: حقائق وارقام

مر الاقتصاد العراقي خلال السنوات الاخيرة بظروف اقتصادية صعبة نتيجة تفاقم الاختلالات الهيكلية والازمة الصحية العالمية. فقد عجزت الدولة عن تقديم موازنة 2020 واقرارها نتيجة انهيار اسعار النفط وتراجع الايرادات النفطية الى دون الربع في بعض الشهور. تزامن ذلك مع تضخم النفقات الحكومية بشكل كبير، مما دفع الحكومة الى الاقتراض بقرابة (27) ترليون دينار لتامين التمويل اللازم للرواتب وبعض النفقات الضرورية. وقد نشرت وزارة المالية مؤخرا ملخصا للتقرير نصف السنوي للبنك الدولي حول العراق، والذي يوجز اهم التطورات والاحداث الاقتصادية المتحققة عام 2021. وفيما يلي ايجازا لأبرز ما ورد في التقرير:

1- شهد الاقتصاد العالمي تعافيا ملموسا عام 2021 نتيجة تحسن الوضع الصحي وارتفاع معدلات التطعيم حول العالم وتراجع الاصابات بكوفيد-19. وقد بدأ النمو الاقتصادي في العراق بالتعافي تدريجيًا في أعقاب الانكماش الذي اصابه نتيجة جائحة كورونا خلال العام الماضي، ويعود ذلك جزئيا الى زيادة النشاط الاقتصادي غير النفطي. اما تعافي القطاع النفطي فقد كان له الاثر الابرز في تغيير مسار الاقتصاد العراقي، ومن المتوقع أن يؤدي التحسن في ظروف سوق النفط العالمية إلى تعزيز النمو الاقتصادي على المدى المتوسط وتحقيق فوائض مالية تسهم في تقليص الديون المتراكمة. 

2- يعد العراق أحد أكثر البلدان المعتمدة على النفط في العالم، اذ شكلت عائدات النفط، خلال العقد الماضي، أكثر من (99%) من صادراته، وقرابة (85%) من ايرادات الموازنة العامة، وقرابة (42%) من الناتج المحلي الإجمالي، وهو اعتماد مفرط على النفط يعرض الاقتصاد العراقي لتقلبات الاقتصاد الكلي. وقد كان لتراجع الايرادات النفطية، نتيجة جائحة كورونا، تأثير كبير على الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، والذي تقلص بنسبة (15.7%). كما ادى تراجع الايرادات النفطية إلى انخفاض كبير في النفقات العامة، وبالأخص الاستثمارية منها، مما زاد من انكماش الاقتصاد العراقي عام 2020. 

3- شهدت معدلات البطالة مطلع العام 2021 ارتفاعا ملحوظا فاق نسبة (10%)، مقارنة بما كانت عليه قبل جائحة كورونا. كما ارتفعت المخاوف المتعلقة بالأمن الغذائي رغم تزايد الأسر التي تتلقى المنافع الاجتماعية من الحكومة وفي مقدمتها رواتب شبكة الحماية الاجتماعية والحصص الغذائية من نظام البطاقة التموينية، فضلا عن الجهود التي بذلت من اجل توفير اللقاحات اللازمة لمنع تفشي فايروس كورونا.

4- رغم تحسن الأوضاع الاقتصادية في العراق تدريجيا مع تعافي أسواق النفط الدولية، الا ان هذا الانتعاش محفوف بالمخاطر الرئيسية التي تشكلها المعوقات الهيكلية، ويشمل ذلك قيود إدارة الاستثمار العام التي أثرت على تقديم الخدمات العامة، والتسديد البطيء للديون المتأخرة وخاصة تلك المتعلقة بالأجور العامة وتحمل المصارف المملوكة للدولة والبنك المركزي العراقي أعباء الديون السيادية. اضافة الى هشاشة الوضع السياسي، وضعف نظام الرعاية الصحية، والفساد المالي والاداري والسياسي المستشري في مختلف مؤسسات الدولة.

5- تشير احصاءات البنك الدولي الى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة (0.9%) للنصف الاول من عام 2021، ونمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تزيد عن (21%) في النصف الأول من عام 2021. ويعود ذلك لقوة أداء قطاعات الخدمات بعد تخفيف القيود الصحية للوقاية من فيروس كورونا، خصوصا بعد انتشار حملات التطعيم وانخفاض الاصابات. كما زادت حصة العراق النفطية نتيجة رفع اوبك الحصص الانتاجية للدول الاعضاء تدريجيا مما انعكس على زيادة الناتج المحلي الاجمالي.

6- ارتفع معدل التضخم بشكل طفيف في العراق خلال المدة من كانون الثاني الى تموز 2021 وبقرابة (5.2%) و (6.3%) على التوالي، وذلك بسبب زيادة الطلب المحلي وعدم كفاية المعروض السلعي على تلبية كامل الطلب المتزايد. كما تأثر التضخم بانخفاض اسعار الواردات في بعض البلدان المصدرة التي تواجه تدهور في قيمة عملاتها المحلية.

7- تُظهر البيانات المالية للنصف الأول من عام 2021 مكاسب مهمة في الايرادات المالية نتيجة ارتفاع معدل سعر برميل النفط العراقي المصدر الى قرابة (64) دولار. كما يعود تعافي الايرادات العامة الى خفيض قيمة العملة العراقية وارتفاع قيمة الدولارات المباعة الى البنك المركزي. اضافة الى ذلك، بدأت إصلاحات الهيئة العامة للكمارك والهيئة العامة للضرائب الواردة في قانون موازنة 2021 تؤتي ثمارها، حيث ارتفعت الايرادات السيادية عما كانت عليه سابقا بنسبة (53%). ويتوقع ان يتقلص عجز الموازنة بشكل كبير حتى نهاية عام 2021.

8- على الصعيد الخارجي، تحول عجز الحساب الجاري إلى فائض بنسبة (4.7%) من الناتج المحلي الاجمالي في الربع الاول من عام 2021 مما أسهم في ارتفاع إجمالي الاحتياطيات الرسمية للبنك المركزي العراقي بنحو (5) مليار دولار أمريكي لتصل إلى (58.5) مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بـ (54) مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2020 

مع ذلك، وعلى الرغم من تحسن آفاق الاقتصاد العراقي وتعافي أسواق النفط العالمية، الا ان تداعيات متحور فيروس كورونا وتحديات تغير المناخ تشكل بواعث جديدة للمخاطر. ومن المتوقع أن يتعافى الاقتصاد تدريجياً على خلفية ارتفاع أسعار النفط وزيادة حصص إنتاج تحالف "اوبك+" التي من المقرر إلغاؤها تدريجياً عام 2022. وسيكون الناتج المحلي الإجمالي النفطي المحرك الرئيسي للنمو على المدى المتوسط. ورغم توقعات تحسن الناتج المحلي الاجمالي غير النفطي، لكنه سيبقى بمتوسط نمو أقل من (3%) خلال الاعوام (2021-2023) بسبب الاجيال المتحورة من جائحة كورونا اضافة الى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العراقي وفي مقدمتها نقص المياه والطاقة الكهربائية والتي تؤثر على الزراعة والصناعة.

التعليقات
تغيير الرمز